ولقد قلنا : إننا حين ننظر إلى التمثيل الدبلوماسي في العالم الإسلامي، نجد اثنتين وسبعين دولة إسلامية لها سفارات في معظم دول العالم، وأتساءل : كم من أفراد هذه السفارات يتمسك بالمظهر الإسلامي؟. أقل القليل. وكم من الجاليات الإسلامية في الدول الأجنبية يتمسكون بتعاليم الدين؟. أقل القليل. ولو أنهم تمسكوا جميعا بتعاليم الإسلام لعرفت دول العالم أن لهذا الدين قوة ومناعة تحميه. وأن هذه المناعة هي التي منعت الحضارة المادية المنحرفة من أن تؤثر في هؤلاء، ولكان لفتة قوية لشعوب العالم لكي تدرس هذا الدين، ولكنك تجدهم يذوبون ويتهافتون على الحضارة المادية للدول التي يقيمون فيها، مما يجعل شعوب هذه الدول تقول : لو كان دينهم قويا لتمسكوا به، ولم يتهافتوا على حضارتنا.
وإذا درسنا تاريخ الإسلام نجد أنه لم ينتشر بالقتال أو بالسيف ؛ لكنه انتشر بالأسوة الحسنة، وهنا يقول الحق سبحانه وتعالى :
﴿ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصلاوة وَآتَوُاْ الزكاوة فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدين وَنُفَصِّلُ الآيات لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [ التوبة : ١١ ].
أي نبينها لقوم يبحثون عن العلم الحقيقي، الذي بينه الله عز وجل في منهجه، ولذلك نجد مثلا أنه إذا وصلت أمة من الأمم إلى كشف جديد فأهل العلم في الإسلام يعرفون أنه ليس كشفا جديداً ؛ لأن الإسلام ذكره منذ وقت طويل.
فمثلا في القانون في ألمانيا وصلوا إلى مادة في القانون سموها :" سوء استغلال الحق " فأنت لك حقوق، ولكنك قد تسيء استغلالها. وبدأت الدولة في ألمانيا تتجه نحو تشريع قوانين تهدف لمنع إساءة استغلال الحقوق ووضع شروح لهذه القوانين وتطبيقها إلى آخره، وذهب محام مسلم من بني سويف ليحصل على الدكتوراه من ألمانيا، فاطلع على هذه المسألة، وقد كان يحضر محاضرة يلقيها صاحب قانون نظرية " سوء استغلال الحق "، فقام المحامي المسلم وقال له : أنت تقول إنَّك واضع هذه النظرية؟.


الصفحة التالية
Icon