وقال الثعلبى :
قوله ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ ﴾ أظننتم، وإنما دخل الميم لأنه من الاستفهام المعترض بين الكلام فأُدخلت فيه أم ليفرّق بينه وبين الاستفهام والمبتدأ، واختلفوا في المخاطبين بهذه الآية : قال الضحاك عن ابن عباس قال : يعني بها قوماً من المنافقين كانوا يتوسلون إلى رسول الله ﷺ بالخروج معه للجهاد دفاعاً وتعذيرا والنفاق في قلوبهم.
وقال سائر المفسرين : الخطاب للمؤمنين حين شقّ على بعضهم القتال وكرهوه فأنزل الله تعالى ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ ﴾ ولا تُؤمروا بالجهاد ولا تُمتحنوا ليظهر الصادق من الكاذب، والمطيع من العاصي ﴿ وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الذين ﴾ في تقدير الله، والألف صلة ﴿ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ الله وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ المؤمنين وَلِيجَةً ﴾ بطانة وأولياء يوالونهم ويفشون إليهم أسرارهم، وقال قتادة وليجة : خيانة وقال الضحّاك : خديعة، وقال ابن الأنباري : الوليجة قال : خيانة، والولجاء الدخلاء، وقال الليثي : خليطاً ورِدأً.
وقال عطاء : أولياء، وقال الحسن : هي الكفر والنفاق، وقال أبو عبيدة : كل شيء أدخلته في شيء ليس منه فهو وليجة، والرجل يكون في القوم وليس منهم وليجة، وأصله من الولوج ومنه سمي ( الكناس ) الذي يلج فيه الوحش تولجاً. قال الشاعر :
من زامنها الكناس تولّجاً... فوليجة الرجل من يختصه بدخلة منها دون الناس يقال : هو وليجتي وهم وليجتي للواحد وللجميع. وأنشد أبان بن تغلب :

فبئس الوليجة للهاربين والمعتدين وأهل الريب
﴿ والله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ قراءة العامة بالتاء متعلق بالله بقوله :﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ ﴾ وروى الحسن عن أبي عمرو بالياء ومثله روى عن يعقوب أيضاً. أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon