قرأ ابن كثير وأبو عمرو ﴿أَن يَعْمُرُواْ مساجد الله﴾ على الواحد، والباقون ﴿مساجد الله﴾ على الجمع حجة ابن كثير وأبي عمرو وقوله :﴿عمارة المسجد الحرام﴾ [ التوبة : ١٩ ] وحجة من قرأ على لفظ الجمع وجوه : الأول : أن يراد المسجد الحرام.
وإنما قيل : مساجد لأنه قبلة المساجد كلها وإمامها، فعامره كعامر جميع المساجد.
والثاني : أن يقال :﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ اللهِ﴾ معناه : ما كان للمشركين أن يعمروا شيئاً من مساجد الله، وإذا كان الأمر كذلك، فأولى أن لا يمكنوا من عمارة المسجد الحرام الذي هو أشرف المساجد وأعظمها.
الثالث : قال الفراء : العرب قد يضعون الواحد مكان الجمع والجمع مكان الواحد أما وضع الواحد مكان الجمع ففي قولهم فلان كثير الدرهم وأما وضع الجمع مكان الواحد ففي قولهم فلان يجالس الملوك مع أنه لا يجلس إلا مع ملك واحد.
الرابع : أن المسجد موضع السجود، فكل بقعة من المسجد الحرام فهي مسجد.
المسألة الرابعة :
قال الواحدي : دلت على أن الكفار ممنوعون من عمارة مسجد من مساجد المسلمين، ولو أوصى بها لم تقبل وصيته ويمنع عن دخول المساجد، وإن دخل بغير إذن مسلم استحق التعزير، وإن دخل بإذن لم يعزر، والأولى تعظيم المساجد، ومنعهم منها، وقد أنزل رسول الله ﷺ وفد ثقيف في المسجد، وهم كفار وشد ثمامة بن أثال الحنفي في سارية من سواري المسجد الحرام وهو كافر.


الصفحة التالية
Icon