وقال ابن عطية :
﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ ﴾
﴿ أم ﴾ في هذه الأية ليست المعادلة، وإنما هي المتوسطة في الكلام، وهي عند سيبويه التي تتضمن إضراباً عن اللفظ لا عن معناه، واستفهاماً فهي تسد مسد بل وألف الاستفهام، وهي التي في قولهم :" أنها لإبل أم شاء " التقدير بل أهي شاء، وقوله ﴿ أن تتركوا ﴾ يسد عند سيبويه مسد مفعولي " حسب "، وقال المبرد :" أن " وما بعدها مفعول أول والثاني محذوف.
قال القاضي أبو محمد : كان تقديره مهملين أو سدى ونحو ذلك، وقوله ﴿ ولما ﴾ هي دخلت على لم وفيها مبالغة، ومعنى الآية أظننتم أن تتركوا دون اختبار وامتحان ؟ ف ﴿ لما ﴾ في هذه الآية بمنزلة قول الشاعر [ الفرزدق ] :[ الطويل ]
بأيدي رجال لم يشيموا سيوفهم... ولم تكثر القتلى بها حين سُلَّتِ
قال القاضي أبو محمد : والمراد بقوله ﴿ ولما يعلم ﴾ لما يعلم ذلك موجوداً كما علمه أزلاً بشرط الوجود ولما يظهر فعلكم واكتسابكم الذي يقع عليه الثواب والعقاب ففي العبارة تجوز وإلا فحتم أنه قد علم الله في الأزل الذين وصفهم بهذه الصفة مشروطاً وجودهم، وليس يحدث له علم تبارك وتعالى عن ذلك، و﴿ وليجة ﴾ معناه بطانة ودخيلة، وقال عبادة بن صفوان الغنوي :[ الطويل ]
ولائجهم في كل مبدىً ومحضر... إلى كل من يرجى ومن يتخوفُ