ولما كان المعنى : جاهدوا مخلصين، ترجمه وبسطه بقوله ﴿ولم﴾ أي ولما يعلم الذين لم ﴿يتخذوا﴾ ويجوز أن يكون حالاً، ودل على تراخي الرتب عن مكانته سبحانه بقوله :﴿من دون الله﴾ أي الذي لا يعدل عنه ويرغب في غيره من له أدنى بصيرة - كما دل عليه الافتعال - لأنه المنفرد بالكمال، وأكد النفي بتكرير ﴿لا﴾ فقال :﴿ولا رسوله﴾ أي الذي هو خلاصة خلقه ﴿ولا المؤمنين﴾ أي الذين اصطفاهم من عباده ﴿وليجة﴾ أي بطانة تباطنونها وتسكنون إليها فتلج أسراركم إليها وأسرارها إليكم، فإن الوليجة كل شيء أدخلته في شيء ليس منه، والرجل يكون في قوم وليس منهم وليجة، فوليجة الرجل من يختصه بدخيلة أمره دون الناس، يقال : هو وليجتي وهم وليجتي - للواحد والجمع - نقل ذلك البغوي عن أبي عبيدة، قال ابن هشام وليجة : دخيلاً وجمعها ولائج، يقول : لم يتخذوا دخيلاً من دونه يسرون إليه غير ما يظهرون نحو ما يصنع المنافقون، يظهرون الإيمان للذين آمنوا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا : إنا معكم.
والحاصل أنه لا يكون الترك بدون علم الأمرين حاصلين، والمراد بنفي العلم نفي المعلوم، فالمعنى : ولما يكن مجاهدون مخلصون.
ولما كان ظاهر ذلك مظنه أن يتمسك به من لم يرسخ قدمه في المعارف، ختم بقوله :﴿والله﴾ أي الذي له الإحاطة الكاملة ﴿خبير بما تعملون﴾ أي سواء برز إلى الخارج أو لا. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٢٨٠ ـ ٢٨١﴾


الصفحة التالية
Icon