عَلَى النَّاسِ بِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (٢٣ : ٦٧). عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي (بِهِ) لِلْبَيْتِ، وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ ذِكْرٌ فِي الْآيَاتِ الَّتِي قَبِلَ هَذِهِ الْآيَةِ. قَالُوا : ؛ لِأَنَّ اشْتِهَارَ اسْتِكْبَارِهِمْ وَافْتِخَارِهِمْ بِأَنَّهُمْ قُوَّامُهُ وَسَدَنَتُهُ وَعُمَّارُهُ أَغْنَى عَنْ سَبْقِ ذِكْرِهِ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَدِينُ لَهُمْ بِذَلِكَ، لِامْتِيَازِهِمْ عَلَيْهِمْ بِهِ، وَبِسِقَايَةِ حُجَّاجِهِ، وَكَذَا ضِيَافَتِهِمْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَامَّةً كَالسِّقَايَةِ ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إِلَيْهَا لَمْ تَكُنْ عَامَّةً، إِذْ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْحُجَّاجَ كَانُوا وَمَا زَالُوا أَحْوَجَ إِلَى الْمَاءِ فِي الْحَرَمِ مِنَ الزَّادِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ حَاجٍّ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْمِلَ مِنَ الزَّادِ مَا يَكْفِيهِ مُدَّةَ سَفَرِهِ إِلَى الْحَرَمِ، وَعَوْدَتِهِ بَعْدَ أَدَاءِ الْمَنَاسِكِ، وَلَا سِيَّمَا الْعَرَبِيُّ الْقَنُوعُ الْقَلِيلُ الْأَكْلِ، وَلَكِنْ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْمِلَ مِنَ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِ كُلَّ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَلَا نِصْفَهَا، وَلِذَلِكَ كَانَ أَوَّلَ شُرُوطِ اسْتِطَاعَةِ الْحَجِّ الزَّادُ لِإِمْكَانِهِ مَعَ كَفَالَةِ أُولِي الْأَمْرِ فِي الْحَرَمِ لِتَوْفِيرِ الْمَاءِ فِيهِ، وَحُكُومَةُ السُّنَّةِ السُّعُودِيَّةِ فِي هَذَا الْعَهْدِ تَزْدَادُ عِنَايَتُهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ بِتَوْفِيرِ الْمَاءِ وَنَظَافَتِهِ لِمِئَاتِ الْأُلُوفِ مِنَ الْحُجَّاجِ، وَأَمَّا سَقْيُهُمُ الْمَاءَ الْمُحَلَّى فَقَدْ بَطَلَ مُنْذُ قُرُونٍ كَثِيرَةٍ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَعَذَّرًا لِكَثْرَتِهِمْ، وَلَوْ كَانَ رِيعُ أَوْقَافِ الْحَرَمَيْنِ فِي الْأَقْطَارِ الْإِسْلَامِيَّةِ يُضْبَطُ


الصفحة التالية
Icon