ولما تسبب عن ذلك إبعادهم، قال :﴿فلا يقربوا﴾ أي المشركون، وهذا نهي للمسلمين عن تمكينهم من ذلك، عبر عنه بنهيهم مبالغة فيه ﴿المسجد الحرام﴾ أي الذي أخرجوكم منه وأنتم أطهر الناس، واستغرق الزمان فأسقط الجار ونبههم على حسن الزمان واتساع الخير فيه بالتعبير بالعام فقال :﴿بعد عامهم﴾ وحقق الأمر وأزال اللبس بقوله :﴿هذا﴾ وهو آخر سنة تسع سنة الوفود مرجعه ـ ﷺ ـ من غزوة تبوك، فعبر بقربانه لا بإتيانه بعد التقديم إليهم بأن لا يقبل من مشرك إلا الإسلام أو القتل إشارة إلى إخراج المشركين من جزيرة العرب وانها لا يجتمع بها دينان لأنها كلها محل النبوة العربية وموطن الأسرار الإلهية، فمن كان فيها - ولو في أقصاها - فقد قارب جميع ما فيها، وتكون حينئذ بالنسبة إلى الحرم كأفنية الدور ورحاب المساجد ؛ وفي الصحيح عن أبي هريرة ـ رضى الله عنهم ـ أن النبي ـ ﷺ ـ أرسل أبا بكر ـ رضى الله عنهم ـ أميراً على الحج بعد رجوعه من تبوك ثم أردفه بعلي ـ رضى الله عنهم ـ فأمره أن يؤذن ببراءة، قال أبو هريرة : فأذن معنا عليّ يوم النحر في أهل منى ببراءة وأن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان.


الصفحة التالية
Icon