ولما كان ما والاها من أرض الشام ونحوها كله أنهاراً أو جداول، جعل كأنه بحر لأنه في حكم شاطئه، ولما كان قوامهم بالمتاجر، وكان قوام المتاجر باجتماعهم في أسواقهم، وكان نفيهم من تلك الأراضي مظنة لخوف انقطاع المتاجر وانعدام الأرباح المفضي إلى الحاجة وكان قد أمر بنفيهم رعاية لأمر الدين، وكان سبحانه عالماً بأن ذلك يشق على النفوس لما ذكر من العلة ولا سيما وقد قال بعضهم لما قرأ علي ـ رضى الله عنهم ـ آيات البراءة على اهل الموسم : يا أهل مكة! ستعلمون ما تلقونه من الشدة بانقطاع السبيل وبُعد الحمولات، وعد سبحانه - وهو الواسع العليم - بما يغني عن ذلك، لأن من ترك الدنيا لأجل الدين أوصله سبحانه إلى مطلوبه من الدنيا مع ما سعد به من أمر الدين " من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه " فقال :﴿وإن خفتم﴾ أي بسبب منعهم من قربان المواطن الإلهية ﴿عيلة﴾ أي فقراً وحاجة ﴿فسوف يغنيكم الله﴾ أي هو ذو الجلال والإكرام ﴿من فضله﴾ وهو ذو الفضل والطول والقوة والحول.


الصفحة التالية
Icon