فجعل ينادي : ياعباد الله، يا أصحاب الشجرة، يا أصحاب سورة البقرة، وعطف المسلمون حين سمعوا صوته عطفة البقر على أولادها فقالوا : يالبيك يالبيك يالبيك وجاؤوا عنقاً واحداً فالتفت رسول الله ﷺ إلى عصابة من الأنصار فقال : هل معكم غيركم؟ فقالوا : يانبي الله لو عمدت إلى برك العماد من ذي يمن لكنّا معك، ثم أقبل المشركون فالتقوا هم والمسلمون، وتنادى الأنصار : يامعشر الأنصار أم قصرت الدعوة على بني الحرث والخزرج، فتنادوا فنظر رسول الله ﷺ وهو على بغلته كالمتطاول إلى قتالهم فقال هذا حين حمي الوطيس، فأخذ بيده كفّاً من ( الحبِّ ) فرماهم وقال : شاهت الوجوه، ثم قال : انهزموا ورب الكعبة، انهزموا ورب الكعبة. "
قال : فوالله مازال أمرهم مدبراً وجدّهم كليلا حتى هزمهم الله تعالى.
قال يعلى بن عطاء : فحدثني أبناؤهم عن آبائهم أنهم قالوا : ما بقي منا أحد يومئذ إلا وامتلأت عيناه من ذلك التراب، قال يزيد بن عامر وكان في المشركين يومئذ : فانصرفنا ما بقي منّا أحد، وكأن أعيننا عميت فأنجز الله وعده وأنزل نصره وجنده فقهر المشركين ونصر المسلمين، وقال سعيد بن جبير : أمدَّ الله ( المسلمين ) بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين، وقال الحسن : كانوا ثمانية آلاف من الملائكة.
قال عطاء : كانوا ستة عشر ألفاً، وقال سعيد بن المسيب : حدّثني رجل كان في المشركين يوم حنين قال : لما التقينا نحن وأصحاب رسول الله ﷺ لم يقفوا لنا حلب شاة، فلما كشفناهم جعلنا نسوقهم، حتى إذا انتهينا إلى صاحب البغلة الشهباء يعني رسول الله ﷺ فتلقّانا رجال بيض الوجوه، حسان الوجوه فقالوا لنا : شاهت الوجوه ارجعوا، فرجعنا وركبوا أكتافنا فكانوا إياها، يعني الملائكة.


الصفحة التالية
Icon