وقال ابن عطية :
﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا ﴾
هذه مخاطبة لجميع المؤمنين يعد الله نعمه عليهم، و﴿ مواطن ﴾ جمع موطِن بكسر الطاء، والموطِن موضع الإقامة أو الحلول لأنه أول الإقامة، و" المواطن " المشار إليها بدر والخندق والنضير وقريظة، ولم يصرف ﴿ مواطن ﴾ لأنه جمع ونهاية جمع، ﴿ ويوم ﴾ عطف على موضع قوله ﴿ في مواطن ﴾ أو على لفظة بتقدير وفي يوم، فانحذف حرف الخفض، و﴿ حنين ﴾ واد بين مكة والطائف قريب من ذي المجاز وصرف حين أريد به الموضع والمكان، ولو أريد به البقعة لم يصرف كما قال الشاعر [ حسان رضي الله عنه ] :[ الكامل ]
نصروا نبيَّهم وشدُّوا أزْرَه... بحنينَ يومَ تَوَاكلِ الأبطالِ
وقوله ﴿ إذ أعجبتكم كثرتكم ﴾ روي أن رسول الله ﷺ، قال حين رأى حملته اثني عشر ألفاً قال :" لن نغلب اليوم من قلة "، روي أن رجلاً من أصحابه قالها فأراد الله إظهار فأراد الله إظهار العجز فظهر حين فر الناس، ثم عطف القدر بنصره، وقوله ﴿ وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ﴾ أي بقدر ما هي رحبة واسعة لشدة الحال وصعوبتها، ف " ما " مصدرية، وقوله ﴿ ثم وليتم مدبرين ﴾ يريد فرار الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم.


الصفحة التالية
Icon