وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ﴾
أي : في أماكن.
قال الفراء : وكل جمع كانت فيه ألف قبلها حرفان وبعدها حرفان لم يُجْرَ، مثل صوامع، ومساجد.
وجُريَ ﴿ حنين ﴾ لأنه اسم لمذكَّر، وهو وادٍ بين مكة والطائف، وإذا سمَّيتَ ماءً أو وادياً أو جبلاً باسم مذكَّر لا علَّة فيه، أجريته، من ذلك : حنين، وبدر، وحِراء، وثَبِير، ودابِق.
ومعنى الآية : أن الله عز وجل أعلمهم أنهم إنما يغلبون بنصر الله لا بكثرتهم.
وفي عددهم يوم حنين أربعة أقوال.
أحدها : أنهم كانوا ستة عشر ألفاً، رواه عطاء عن ابن عباس.
والثاني : عشرة آلاف، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
والثالث : كانوا اثني عشر ألفاً، قاله قتادة، وابن زيد، وابن إسحاق، والواقدي.
والرابع : أحد عشر ألفا وخمسمائة، قاله مقاتل.
قال ابن عباس : فقال ذلك اليوم سلمة بن سلامة بن وقش، وقد عجب لكثرة الناس : لن نُغلَب اليوم من قِلَّة، فساء رسولَ الله ﷺ كلامُه، ووُكلِوا إلى كلمة الرجل، فذلك قوله :﴿ إذ أعجبتكم كثرتكم فلن تغن عنكم شيئاً ﴾ وقال سعيد بن المسيب : القائل لذلك : أبو بكر الصديق.
وحكى ابن جرير أن القائل لذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقيل : بل العباس.
وقيل : رجل من بني بكر.
قوله تعالى :﴿ وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ﴾ أي : برحبها.
قال الفراء : والباء هاهنا بمنزلة "في" كما تقول : ضاقت عليكم الأرض في رحبها وبرحبها.
الإشارة إلى القصة
قال أهل العلم بالسيرة، لما فتح رسول الله ﷺ مكة، تآمر عليه أشراف هوازن وثقيف، فجاؤوا حتى نزلوا أوطاس، وأجمعوا المسير إليه، فخرج إليهم رسول الله ﷺ، فلما التقَوا أعجبتهم كثرتُهم فهُزموا.


الصفحة التالية
Icon