فقال عليه السَّلام :" الله أكبر قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلِهة قال إنكم قوم تجهلون لتركبنّ سَنن مَن قبلكم حَذْوَ القُذّة بالقُذّة حتى أنهم لو دخلوا جُحر ضَبّ لدخلتموه " فنهض رسول الله ﷺ حتى أتى وادي حُنين، وهو من أودية تُهامة، وكانت هوازن قد كَمَنت في جَنَبتِي الوادي وذلك في غَبش الصبح فحملت على المسلمين حملة رجل واحد، فانهزم جمهور المسلمين ولم يَلْوِ أحد على أحد، وثبت رسول الله ﷺ وثبت معه أبو بكر وعمر، ومن أهل بيته عليّ والعباس وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وابنه جعفر، وأُسامة بن زيد ؛ وأَيْمَن بن عبيد وهو أيمن بن أُمّ أَيمن قُتل يومئذ بحنُين وربيعة بن الحارث، والفضل بن عباس، وقيل في موضع جعفر بن أبي سفيان : قُثَم بن العباس.
فهؤلاء عشرة رجال ؛ ولهذا قال العباس :
نصرْنا رسولَ اللَّه في الحرب تسعةً...
وقد فرّ مَن قد فرّ عنه وأقشعوا
وعاشرُنا لاقَى الحمام بنفسه...
بما مَسّه في اللَّه لا يتوَجّع
وثبتت أُمّ سُليم في جملة من ثبت، مُحْتزمةً ممسكة بعيراً لأبي طلحة وفي يدها خَنْجر.
ولم ينهزم رسول الله ﷺ ولا أحد من هؤلاء، وكان رسول الله ﷺ على بغلته الشّهباء واسمها دُلْدُل.
وفي صحيح مسلم عن أنس " قال عباس : وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله ﷺ أَكُفُّها إرادةَ ألاّ تسرِع، وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله ﷺ ؛ فقال رسول الله ﷺ :"أيّ عباسُ نادِ أصحابَ السَّمُرة".
فقال عباس وكان رجلاً صَيّتاً.
ويروى من شدّة صوته أنه أغير يوماً على مكة فنادى واصباحاه! فأسقطت كلُّ حامل سمعت صوته جَنِينها : فقلت بأعلى صوتي : أين أصحاب السَّمُرة؟ قال : فوالله لكأنّ عَطْفتهم حين سمِعوا صوتي عَطْفَةُ البقر على أولادها.