وقيل : أحد عشر ألفاً وخمسمائة.
وقيل : ستة عشر ألفاً.
فقال بعضهم : لن نُغلب اليوم عن قِلّة.
فَوُكِلُوا إلى هذه الكلمة ؛ فكان ما ذكرناه من الهزيمة في الابتداء إلى أن تراجعوا، فكان النصر والظفر للمسلمين ببركة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
فبيّن الله عزّ وجلّ في هذه الآية أن الغلبة إنما تكون بنصر الله لا بالكثرة.
وقد قال :﴿ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الذي يَنصُرُكُم مِّنْ بَعْدِهِ ﴾ [ آل عمران : ١٦ ].
الخامسة قوله تعالى :﴿ وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرض بِمَا رَحُبَتْ ﴾ أي من الخوف ؛ كما قال :
كأن بلادَ اللَّه وهي عريضةٌ...
على الخائف المطلوبِ كفّةُ حابِلِ
والرُّحب ( بضم الراء ) السَّعة.
تقول منه : فلان رُحْب الصدر.
والرحب ( بالفتح ) : الواسع.
تقول منه : بلد رَحْب، وأرض رَحْبة.
وقد رَحُبت ترحُب رُحباً ورَحابة.
وقيل : الباء بمعنى مع ؛ أي مع رحبها.
وقيل : بمعنى على، أي على رحبها.
وقيل : المعنى برحبها ؛ ف "ما" مصدرية.
السادسة قوله تعالى :﴿ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ﴾ روى مسلم عن أبي إسحاق قال :" جاء رجل إلى البراء فقال : أكنتم وَلّيتم يوم حُنين يا أبا عُمارة.
فقال : أشهد على نبيّ الله ﷺ ما وَلّى، ولكنه انطلق أَخِفَّاءُ من الناس، وحُسَّرٌ إلى هذا الحيّ من هوازن.
وهم قوم رُماة فرمَوْهم برشْق من نَبل كأنها رِجْل من جراد فانكشفوا ؛ فأقبل القوم إلى رسول الله ﷺ وأبو سفيان يقود به بغلته، فنزل ودعا واستنصر وهو يقول :"أنا النبيّ لاَ كذِب.
أنا ابن عبد المطلب.
اللَّهُمّ نزّل نصرك" " قال البراء : كنا والله إذا احمر البأس نَتَّقِي به، وإن الشجاع منا للَّذي يُحاذِي به ؛ يعني النبيّ صلى الله عليه وسلم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٨ صـ ﴾