ولما كان ما عذب به من أوجد مطلق هذا الوصف عظيماً، أتبعه بيان جزاء العريق في ذلك ترهيباً لمن آثر حب شيء مما مضى على حب الله فقال :﴿وذلك﴾ أي العذاب الذي منه ما عذب به هؤلاء وغيره ﴿جزاء الكافرين﴾ أي الراسخين في وصف الكفر الذين آثروا حب من تقدم من الآباء وغيرهم على الله فثبتوا على تقليد الآباء في الباطل بعدما رأوا من الدلائل ما بهر الشمس ولم يدع شيئاً من لبس، وأما الذين لم يكن كفرهم راسخاً فكان ذلك صلاحاً لهم لأنه قادهم إلى الإسلام، فقد تبين أن المنصور من نصره الله قليلاً كان أو كثيراً، وأن القلة والكثرة والقوة والضعف بالنسبة إلى قدرته سواء، فلا تغتروا بما ألزمكم من النعم فإنه قادر على نزعها، لا يستحق أحد عليه شيئاً، ولا يقدر أحد على رد قضائه، وفي ذلك إعلام بأنه لا يرتد بعد إيمانه إلا من كان عريقاً في الكفر، وفيه أبلغ تهديد لأنه إذا عذب من أوجد الكفر وقتاً ما فكيف بمن رسخ فيه!. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٢٩٣ ـ ٢٩٤﴾


الصفحة التالية
Icon