وقال أبو حيان :
﴿ ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين ﴾
السكينة : النصر الذي سكنت إليه النفوس، قاله ابن عطية.
وقال الزمخشري : رحمته التي سكنوا بها.
وقيل : الوقاء والثبات بعد الاضطراب والقلق، ويخرج من هذا القول الرسول ( ﷺ )، فإنه لم يزل ثابت الجأش ساكنه، وعلى المؤمنين ظاهره شمول مَنْ فرَّ ومَنْ ثبت.
وقيل : هم الأنصار إذ هم الذين كروا وردّوا الهزيمة.
وقيل : من ثبت مع الرسول ( ﷺ ) حالة فرّ الناس.
وقرأ زيد بن علي : سِكينته بكسر السين وتشديد الكاف مبالغة في السكينة.
نحو شرّيب وطبيخ.
﴿ وأنزل جنوداً لم تروها ﴾ هم الملائكة بلا خلاف، ولم تتعرض الآية لعددهم.
فقال الحسن : ستة عشر ألفاً.
وقال مجاهد : ثمانية آلاف.
وقال ابن جبير : خمسة آلاف.
وهذا تناقض في الأخبار، والجمهور على أنها لم تقاتل يوم حنين.
وعن ابن المسيب : حدثني رجل كان في المشركين يوم حنين قال : لما كشفنا المسلمين جعلنا نسوقهم، فلما انتهينا إلى صاحب البغلة الشهباء تلقانا رجال بيض الوجوه حسانها فقالوا : شاهت الوجوه، ارجعوا فرجعنا، فركبوا أكتافنا.
والظاهر انتفاء الرؤية عن المؤمنين، لأن الخطاب هو لهم.
وقد روي أنّ رجلاً من بني النضير قال للمؤمنين بعد القتال : أين الخيل البلق والرجال الذين كانوا عليها بيض ما كنا فيهم إلا كهيئة الشامة، وما كان قتلنا إلا بأيديهم؟ فأخبروا النبي ( ﷺ ) فقال :" تلك الملائكة " وقيل : لم تروها، نفى عن الجميع، ومن رأى بعضهم لم ير كلهم.
وقيل : لم يرها أحد من المسلمين ولا الكفار، وإنما أنزلهم يلقون التثبيت في قلوب المؤمنين والرعب والجبن في قلوب الكفار.
وقال يزيد بن عامر : كان في أجوافنا مثل ضربة الحجر في الطست من الرعب.