قال : لما كان يوم حنين أسرنا رسول الله ( ﷺ ) فبينا هو يميز بين الرجال والنساء، وثبت حتى قعدت بين يديه أذكره حيث شب ونشأ في هوازن، وحيث أرضعوه فأنشأت أقول : وقال الطبراني عن زياد قال : سمعت أبا جرول زهير بن صرد الجشمي يقول : لما أسرنا رسول الله ( ﷺ ) يوم حنين قوم هوازن، وذهب يفرق السبي والشاء، فأتيته فأنشأت أقوال هذا الشعر :
امنن علينا رسول الله في كرم...
فإنك المرء نرجوه وننتظر
امنن على بيضة قد عاقها قدر...
مفرق شملها في دهرها غير
أبقت لنا الحرب هتافاً على حرن...
على قلوبهم الغماء والغمر
إن لم تداركهم نعماء تنشرها...
يا أرجح الناس حلماً حين يختبر
امنن على نسوة قد كنت ترضعها...
إذ فوك يملأوها من محضها الدرر
إذ أنت طفل صغير كنت ترضعها...
وإذ يزينك ما تأتي وما تذر
يا خير من مرحت كمت الجياد به...
عند الهياج إذا ما استوقد الشرر
لا تجعلنا كمن شالت نعامته...
واستبق منا فإنا معشر زهر
إنا نؤمل عفواً منك نلبسه...
هذى البرية أن تعفو وتنتصر
إنا لنشكر للنعمى وقد كفرت...
وعندنا بعد هذا اليوم مدّخر
فألبس العفو من قد كنت ترضعه...
من أمهاتك أن العفو مشتهر
واعف عفا الله عما أنت راهبه...
يوم القيامة إذ يهدي لك الظفر
وفي رواية الطبراني تقديم وتأخير في بعض الأبيات، وتغيير لبعض ألفاظ، فترتيب الأبيات بعد قوله : إذ أنت طفل قوله : لا تجعلنا، ثم إنا لنشكر، ثم فالبس العفو، ثم تأخير من مرحت، ثم إنا نؤمل، ثم فاعف.
وتغيير الألفاظ قوله : وإذ يربيك بالراء والباء مكان الزاي والنون.
وقوله للنعماء : إذ كفرت.
وقوله : إذ تعفو.
وفي رواية الطبراني قال : فلما سمع النبي ( ﷺ ) هذا الشعر قال ( ﷺ ) :" ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم " وقالت قريش : ما كان لنا فهو لله ولرسوله.