وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ ﴾ فَإِنَّ دِينَ الْحَقِّ هُوَ الْإِسْلَامُ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ وَهُوَ التَّسْلِيمُ لِأَمْرِ اللَّهِ، وَمَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُهُ، وَالِانْقِيَادُ لَهُ، وَالْعَمَلُ بِهِ، وَالدِّينُ يَنْصَرِفُ عَلَى وُجُوهٍ : مِنْهَا الطَّاعَةُ، وَمِنْهَا الْقَهْرُ، وَمِنْهَا الْجَزَاءُ ؛ قَالَ الْأَعْشَى : هُوَ دَانَ الرَّبَابَ اُذْكُرْ هُوَ الدِّي نُ دِرَاكًا بِغَزْوَةٍ وَصِيَالِ يَعْنِي : قَهَرَ الرَّبَابَ إذْ كَرِهُوا طَاعَتَهُ وَأَبَوْا الِانْقِيَادَ
لَهُ.
وقَوْله تَعَالَى :﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ قِيلَ : إنَّهُ يَوْمُ الْجَزَاءِ، وَمِنْهُ : كَمَا تَدِينُ تُدَانُ.
مَطْلَبٌ : فِي تَفْسِيرِ دِينِ الْحَقِّ وَدِينُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى غَيْرُ دِينِ الْحَقِّ ؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُنْقَادِينَ لِأَمْرِ اللَّهِ وَلَا طَائِعِينَ لَهُ لِجُحُودِهِمْ نُبُوَّةَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَإِنْ قِيلَ : فَهُمْ يَدِينُونَ بِدِينِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، وَيَعْتَرِفُونَ بِهِ مُنْقَادِينَ لَهُ.
قِيلَ : لَهُ : فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ذُكِرَ نَبِيُّنَا، وَأُمِرْنَا بِالْإِيمَانِ وَاتِّبَاعِ شَرَائِعِهِ، وَهُمْ غَيْرُ عَامِلِينَ بِذَلِكَ بَلْ تَارِكُونَ لَهُ، فَهُمْ غَيْرُ مُتَّبِعِينَ دِينَ الْحَقِّ، وَأَيْضًا فَإِنَّ شَرِيعَةَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ قَدْ نُسِخَتْ، وَالْعَمَلُ بِهَا بَعْدَ النَّسْخِ ضَلَالٌ فَلَيْسَ هُوَ إذًا دِينَ الْحَقِّ.