الثاني : قال ابن عباس في رواية سعيد بن جبير وعكرمة : أتى جماعة من اليهود إلى رسول الله ﷺ، وهم : سلام بن مشكم، والنعمان بن أوفى، ومالك بن الصيف، وقالوا : كيف نتبعك وقد تركت قبلتنا، ولا تزعم أن عزيراً ابن الله، فنزلت هذه الآية.
وعلى هذين القولين فالقائلون بهذا المذهب بعض اليهود إلا أن الله نسب ذلك القول إلى اليهود بناء على عادة العرب في إيقاع اسم الجماعة على الواحد، يقال فلان يركب الخيول ولعله لم يركب إلا واحداً منها، وفلان يجالس السلاطين ولعله لا يجالس إلا واحداً.
والقول الثالث : لعل هذا المذهب كان فاشياً فيهم ثم انقطع، فحكى الله ذلك عنهم، ولا عبرة بإنكار اليهود ذلك، فإن حكاية الله عنهم أصدق.
والسبب الذي لأجله قالوا هذا القول ما رواه ابن عباس أن اليهود أضاعوا التوراة وعملوا بغير الحق، فأنساهم الله تعالى التوراة ونسخها من صدورهم فتضرع عزير إلى الله وابتهل إليه فعاد حفظ التوراة إلى قلبه، فأنذر قومه به، فلما جربوه وجدوه صادقاً فيه، فقالوا ما تيسر هذا لعزير إلا أنه ابن الله، وقال الكلبي : قتل بختنصر علماءهم فلم يبق فيهم أحد يعرف التوراة.
وقال السدي : العمالقة قتلوهم فلم يبق فيهم أحد يعرف التوراة، فهذا ما قيل في هذا الباب.