ولما قبح عليهم ما اختاروه لأنفسهم، قبحه عليهم من جهة مخالفته لأمره تعالى فقال :﴿وما﴾ أي فعلوا ذلك والحال أنهم ما ﴿أمروا﴾ أي من كل من له الأمر من أدلة العقل والنقل ﴿إلا ليعبدوا﴾ أي ليطيعوا على وجه التعبد ﴿إلهاً واحداً﴾ أي لا يقبل القسمة بوجه لا بالذات ولا بالمماثلة، وذلك معنى وصفه بأنه ﴿لا إله إلا هو﴾ أي لا يصلح أن يكون معه إله آخر، فلما تعين ذلك في الله وكانت رتبته زائدة أبعد عما أشركوا به، نزهه بقوله :﴿سبحانه﴾ أي بعدت رتبته وعلت ﴿عما يشركون﴾ في كونه معبوداً أو مشروعاً ؛ ذكر أبو محمد إسحاق بن إبراهيم البستي القاضي في تفسيره وغيره عن عدي ابن حاتم ـ رضى الله عنهم ـ قال : أتيت رسول الله ـ ﷺ ـ وفي عنقي صليب من ذهب فقال : اقطعه، فقطعته ثم أتيته وهو يقرأ سورة براءة ﴿اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون﴾ قلت : يا رسول! إنا لم نكن نعبدهم! قال : أجل.
أليس كانوا يحلون لكم ما حرم الله فتستحلونه ويحرمون عليكم ما أحل الله فتحرمونه؟ قلت : بلى، قال : تلك عبادتهم. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٣٠٢ ـ ٣٠٣﴾