والثاني : ما روى سالم بن الجعد أنه لما نزلت هذه الآية قال رسول الله ﷺ :" تباً للذهب تباً للفضة، قالها ثلاثاً، فقالوا له أي مال نتخذ ؟ قال : لساناً ذاكراً، وقلباً خاشعاً، وزوجة تعين أحدكم على دينه " وقال عليه السلام :" من برك صفراء أو بيضاء كوى بها، وتوفى رجل فوجد في مئزره دينار " فقال عليه السلام :" كية " وتوفي آخر فوجد في مئزره ديناران فقال عليه الصلاة والسلام :" كيتان " والثالث : ما روي عن الصحابة في هذا الباب فقال علي : كل مال زاد على أربعة آلاف فهو كنز أديت منه الزكاة أو لم تؤد، وعن أبي هريرة كل صفراء أو بيضاء أوكى عليها صاحبها فهي كنز.
وعن أبي الدرداء أنه كان إذا رأى أن العسير تقدم بالمال صعد على موضع مرتفع ويقول جاءت القطار تحمل النار وبشر الكنازين بكى في الجباه والجنوب والظهور والبطون.
والرابع : أنه تعالى إنما خلق الأموال ليتوسل بها إلى دفع الحاجات، فإذا حصل للإنسان قدر ما يدفع به حاجته ثم جمع الأموال الزائدة عليه فهو لا ينتفع بها لكونها زائدة على قدر حاجته ومنعها من الغير الذي يمكنه أن يدفع حاجته بها، فكان هذا الإنسان بهذا المنع مانعاً من ظهور حكمته ومانعاً من وصول إحسان الله إلى عبيده.
واعلم أن الطريق الحق أن يقال الأولى أن لا يجمع الرجل الطالب للدين المال الكثير، إلا أنه لم يمنع عنه في ظاهر الشرع، فالأول محمول على التقوى والثاني على ظاهر الفتوى، أما بيان أن الأولى الاحتراز عن طلب المال الكثير فبوجوه :


الصفحة التالية
Icon