الْبُرُوجِ الِاثْنَيْ عَشَرَ قِسْمًا مِنْهَا، فَيَكُونُ قَطْعُهَا لِلْفَلَكِ فِي ثَلَثِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا وَرُبْعِ يَوْمٍ، فَيَجِيءُ نَصِيبُ كُلِّ قِسْمٍ مِنْهَا بِالْأَيَّامِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَكَسْرٍ، وَقَسَّمَ الْأَزْمِنَةَ أَيْضًا عَلَى مَسِيرِ الْقَمَرِ، فَصَارَ الْقَمَرُ يَقْطَعُ الْفَلَكَ فِي تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَنِصْفِ يَوْمٍ.
وَجَعَلَ السَّنَةَ الْقَمَرِيَّةَ ثَلَثَمِائَةٍ وَأَرْبَعَةً وَخَمْسِينَ يَوْمًا وَرُبْعَ يَوْمٍ، فَكَانَ قَطْعُ الشَّمْسِ لِلْبُرْجِ مُقَارِبًا لِقَطْعِ الْقَمَرِ لِلْفَلَكِ كُلِّهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْله تَعَالَى :﴿ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ﴾ وَقَالَ تَعَالَى :﴿ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ﴾ ؛ فَلَمَّا كَانَتْ السَّنَةُ مَقْسُومَةً عَلَى نُزُولِ الشَّمْسِ فِي الْبُرُوجِ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَكَانَ شُهُورُهَا اثْنَيْ عَشَرَ، وَاخْتَلَفَتْ السَّنَةُ الشَّمْسِيَّةُ وَالْقَمَرِيَّةُ فِي الْبُرُوجِ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَكَانَتْ شُهُورُهَا اثْنَيْ عَشَرَ، وَاخْتَلَفَتْ السَّنَةُ الشَّمْسِيَّةُ وَالْقَمَرِيَّةُ فِي الْكَسْرِ الَّذِي بَيْنَهُمَا، وَهُوَ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا بِالتَّقْرِيبِ، وَكَانَتْ شُهُورُ الْقَمَرِ ثَلَاثِينَ وَتِسْعَةً وَعِشْرِينَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ أَحْكَامِ الشَّرْعِ، وَلَمْ يَكُنْ لِنِصْفِ الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ زِيَادَةٌ عَلَى تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا حُكْمٌ، فَكَانَ ذَلِكَ هُوَ الْقِسْمَةُ الَّتِي قَسَمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا السَّنَةَ فِي ابْتِدَاءِ وَضْعِ الْخَلْقِ.