وقال أبو حيان في النهر ما حاصله : كانت العرب لا عيش لأكثرها إلا من الغارات، فيشق عليهم توالي الأشهر الحرم، وكان بنو فقيم أهل دين وتمسك بشرع إبراهيم عليه السلام، فانتدب منهم القلمس وهو حذيفة بن عبيد بن فقيم، فنسأ الشهور للعرب، ثم خلفه على ذلك ابنه عباد ثم خلفه ابنه قلع ثم خلفه ابنه أمية ثم خلفه ابنه عوف ثم ابنه جنادة بن عوف وعليه قام الإسلام، كانوا إذا فرغوا من حجهم جاء إليه من شاء منهم مجتمعين فقالوا : أنسئنا شهراً، فيحل المحرم، ثم يلزمون حرمة صفر ليوافقوا عدة الأشهر الأربعة ويسمون ذلك الصفر المحرم ويسمون ربيعاً الأول صفراً وربيعاً الآخر ربيعاً الأول - وهكذا سائر الشهور، فيسقط على هذا حكم المحرم الذي حلل لهم، وتجيء السنة من ثلاثة عشر شهراً أولها المحرم الذي هو في الحقيقة صفر ؛ وقال البغوي : قال مجاهد : كانوا يحجون في كل شهر عامين، فحجوا في ذي الحجة عامين وحجوا في المحرم عامين ثم حجوا في صفر عامين وكذلك في الشهور، فوافقت حجة أبي بكر السنة الثانية من ذي القعدة، ثم حج النبي ـ ﷺ ـ في العام المقبل حجة الوادع، فوافق حجه أشهر الحج المشروع وهو ذو الحجة، وقال عبد الرزاق في تفسيره : أخبرنا معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ﴿إنما النسيء زيادة في الكفر﴾ قال : فرض الله الحج في ذي الحجة، فكان المشركون يسمون الأشهر : ذا الحجة والمحرم وصفر وربيع وربيع وجمادى وجمادى ورجب وشعبان ورمضان وشوال وذا القعدة وذا الحجة، ثم يحجون فيه مرة أخرى، ثم يسكتون عن المحرم ولا يذكرونه، فيسمونه - أحسبه قال - المحرم صفر، ثم يسمون رجب بجمادى الآخرة، ثم يسمون شعبان رمضان، ورمضان شوالاً.
ثم يسمون ذا القعدة شوالاً.