فصل


قال الفخر :
﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾
اعلم أن هذا ذكر طريق آخر في ترغيبهم في الجهاد، وذلك لأنه تعالى ذكر في الآية الأولى أنهم إن لم ينفروا باستنفاره، ولم يشتغلوا بنصرته فإن الله ينصره بدليل أن الله نصره وقواه، حال ما لم يكن معه إلا رجل واحد، فههنا أولى، وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى :
لقائل أن يقول : كيف يكون قوله :﴿فَقَدْ نَصَرَهُ الله﴾ جواباً للشرط ؟
وجوابه أن التقدير إلا تنصروه، فسينصره من نصره حين ما لم يكن معه إلا رجل واحد، ولا أقل من الواحد والمعنى أنه ينصره الآن كما نصره في ذلك الوقت.
المسألة الثانية :
قوله :﴿إِذْ أَخْرَجَهُ الذين كَفَرُواْ﴾ يعني قد نصره الله في الوقت الذي أخرجه الذين كفروا من مكة وقوله :﴿ثَانِيَ اثنين﴾ نصب على الحال، أي في الحال التي كان فيها ﴿ثَانِيَ اثنين﴾ وتفسير قوله :﴿ثَانِيَ اثنين﴾ سبق في قوله :﴿ثالث ثلاثة﴾ [ المائدة : ٧٣ ] وتحقيق القول أنه إذا حضر اثنان فكل واحد منهما يكون ثانياً في ذينك الاثنين للآخر فلهذا السبب قالوا : يقال فلان ثاني اثنين، أي هو أحدهما.
قال صاحب "الكشاف" : وقرىء ﴿ثَانِيَ اثنين﴾ بالسكون و ﴿إِذْ هُمَا﴾ بدل من قوله :﴿إِذْ أَخْرَجَهُ﴾ والغار ثقب عظيم في الجبل، وكان ذلك الجبل يقال له ثور، في يمين مكة على مسيرة ساعة، مكث رسول الله ﷺ فيه مع أبي بكر ثلاثاً.
وقوله :﴿إذ يقول﴾ : بدل ثان.


الصفحة التالية
Icon