الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : إذَا كَانَ النَّفِيرُ عَامًّا لِغَلَبَةِ الْعَدُوِّ عَلَى الْحَوْزَةِ، أَوْ اسْتِيلَائِهِ عَلَى الْأُسَارَى كَانَ النَّفِيرُ عَامًّا، وَوَجَبَ الْخُرُوجُ خِفَافًا وَثِقَالًا، وَرُكْبَانًا وَرِجَالًا، عَبِيدًا وَأَحْرَارًا، مَنْ كَانَ لَهُ أَبٌ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ، وَمَنْ لَا أَبَ لَهُ، حَتَّى يَظْهَرَ دَيْنُ اللَّهِ، وَتُحْمَى الْبَيْضَةُ، وَتُحْفَظَ الْحَوْزَةُ، وَيُخْزَى الْعَدُوُّ
، وَيُسْتَنْقَذَ الْأَسْرَى.
وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا.
وَلَقَدْ رُوِيَ أَنَّ بَعْضَ الْأُمَرَاءِ عَاهَدَ كُفَّارًا أَلَّا يَحْبِسُوا أَسِيرًا، فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ جِهَتِهِ بِلَادُهُمْ، فَمَرَّ عَلَى بَيْتٍ مُغْلَقٍ، فَنَادَتْهُ امْرَأَةٌ : إنِّي أَسِيرَةٌ، فَأَبْلِغْ صَاحِبَك خَبَرِي.
فَلَمَّا اجْتَمَعَ بِهِ، اسْتَطْعَمَهُ عِنْدَهُ، وَتَجَاذَبَا ذَيْلَ الْحَدِيثِ انْتَهَى الْخَبَرُ إلَى هَذِهِ الْمُعَذَّبَةِ، فَأَلْقَاهُ إلَيْهِ، فَمَا أَكْمَلَ حَدِيثَهُ حَتَّى قَامَ الْأَمِيرُ عَلَى قَدَمِهِ، وَخَرَجَ غَازِيًا مِنْ فَوْرِهِ، وَمَشَى إلَى الْبَلَدِ حَتَّى أَخْرَجَ الْأَسِيرَةَ، وَاسْتَوْلَى عَلَى الْمَوْضِعِ، فَكَيْفَ بِنَا وَعِنْدَنَا عَهْدُ اللَّهِ أَلَّا نُسَلِّمَ إخْوَانَنَا إلَى الْأَعْدَاءِ، وَنَنْعَمُ وَهُمْ فِي الشَّقَاءِ، أَوْ نَمْلِكُ بِالْحُرِّيَّةِ وَهُمْ أَرِقَّاءُ.
يَالَلَّهِ، وَلِهَذَا الْخَطْبِ الْجَسِيمِ، نَسْأَلُ اللَّهَ التَّوْفِيقَ لِلْجُمْهُورِ، وَالْمِنَّةَ بِصَلَاحِ الْآمِرِ وَالْمَأْمُورِ.


الصفحة التالية
Icon