وقال الثعلبى :
﴿ انفروا خِفَافاً وَثِقَالاً ﴾
قال أبو الضحى : أول آية نزلت من براءة هذه الآية وقال مقاتل : قالوا : فينا الثقيل وذو الحاجة والضيعة، والشغل والمنتشر أمره، فأنزل الله عز وجل هذه الآية، وأبى أن يعذرهم.
واختلفوا في معنى الخفاف والثقال، فقال أنس والحسن والضحاك ومجاهد وقتادة وعكرمة وشمر بن عطية ومقاتل بن حيان : مشاغيل، وقال الحكم : مشاغيل وغير مشاغيل. الحسن : مشاغيل، وقال أبو صالح : خفافاً من المال، أي فقراء وثقالا منه أي أغنياء، وقال ابن زيد : الثقيل الذي له الضيعة فهو ثقيل يكبره بأن يضع ضيعته من الخفيف الذي لا ضيعة له. قال : نشاط وغير نشاط، وقال عطية العوفي : ركباناً ومشاة، وقال مرة الهمذاني : أصحّاء ومرضى، وقال يمان بن رباب : عزّاباً ومتأهلين.
وقيل : خفافاً مسرعين غير خارجين ساعة اتباع النفير. قال : خفّ الرجل خفوفاً إذا مشى مسرعاً، وثقالاً أي بعد التروية فيه والاستعداد له.
وقيل : خفافاً من السلاح أي مقلّين منه وثقالاً مستكثرين منه، فالعرب تسمي الأعزل مخفّاً.
وقيل : خفافاً من ماشيتكم وأبنائكم وثقالا متكثّرين بهم ﴿ وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ الله ذلكم خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ علي بن زيد عن أنس : إن أبا طلحة قرأ سورة براءة فأتى على هذه الآية ﴿ انفروا خِفَافاً وَثِقَالاً ﴾ فقال : أي بني جهّزوني جهّزوني. فقال بنوه : يرحمك الله قد غزوت مع النبي ﷺ حتى مات، ومع أبي بكر وعمر رضي الله عنه حتى ماتا، فنحن نغزو عنك، فقال : جهزوني، فغزا البحر فمات في البحر فلم يجدوا له جزيرة يدفنونه فيها إلاّ بعد سبعة أيام فدفنوه فيها فلم يتغير.