نبيه ـ ﷺ ـ عن تألفهم وأحسبه بمؤمنهم دون كافرهم ومنافقهم ﴿يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين﴾ [ الأنفال : ٦٤ ] وكل ذلك معلوم عنده ـ ﷺ ـ قبل وقوعه بمضمون قوله تعالى :﴿سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا﴾ ﴿سنة الله التي قد خلت من قبل﴾ [ الفتح : ٢٣ ]، ﴿فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل﴾ [ يونس : ٩٤ ]، ﴿كذلك نسلكه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به وقد خلت سنة الأولين﴾ [ الحجر : ١٢-١٣ ] " ولذلك قال ـ ﷺ ـ حين أنزل عليه ﴿فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك﴾ [ يونس : ٩٤ ] :" أما أنا فلا أشك ولا أسأل " "، لأنه قد علم جملة أمر الله أن منهم من يتداركه الرحمة ومن يحق عليه كلمة العذاب، ولكنه لا يزال ملتزماً لتألفهم واستجلابهم حتى يكره على ترك ذلك بعلن خطاب نحو قوله تعالى :﴿عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى أما من استغنى فأنت له تصدى وما عليك ألا يزكى وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى كلاّ إنها تذكرة فمن شاء ذكره﴾ [ عبس : ١-١٢ ] ونحو قوله تعالى :﴿ما كان لنبي أن يكون له أسرى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً واتقوا الله إن الله غفور رحيم﴾ [ الأنفال : ٦٧- ٦٩ ] فهذه الآي ونحوها يسمعها العالم بموقعها على إكراه لنبي الرحمة حتى يرجع إلى عدل نبي الملحمة من جملة أمداح القرآن له والشهادة بوفائه بعهد ووصية حتى تحقق له تسميته بنبي الرحمة ثابتاً على الوصية ونبي الملحمة إمضاء في وقت لحكم الحق وإظهار العدل، فهو ـ ﷺ ـ بكل القرآن ممدوح وموصوف بالخلق العظيم جامع لما تضمنته كتب الماضين وما اختصه الله به من سعة القرآن العظيم، فهذا وجه تفاوت ما بين الوصية والكتاب في محكم الخطاب ؛ والله سميع عليم - انتهى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٣٢٣ ـ ٣٢٧﴾


الصفحة التالية
Icon