وقال السمرقندى :
قوله تعالى :﴿ عَفَا الله عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ ﴾
وذلك أن بعض المنافقين استأذنوا رسول الله ﷺ بالتخلف عن الخروج إلى غزوة تبوك، ولم يكن لهم عذر، فأذن لهم رسول الله ﷺ فقال الله تعالى للنبي ﷺ :﴿ عَفَا الله عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ ﴾ وقال عون بن عبد الله : أخبره بالعفو قبل أن يخبره بالذنب.
ويقال : إن النبي ﷺ فعل فعلين قبل أن يؤذن له، فعاتبه الله على ذلك وعفا عنه، أحدهما في فداء أسارى بدر، والثاني في إذنه للمنافقين بالتخلف.
فقال له :﴿ عَفَا الله عَنكَ ﴾ وَلم يقل : يعافيك لم أذنت لهم في التخلف والقعود عن الجهاد.
قال الفقيه : سمعت من يذكر، عن أبي سعيد الفاريابي أنه قال : معناه عافاك الله يا سليم القلب لم أذنت لهم، فيقال : إن الله تعالى إذا قال لعبده : لم فعلت كذا وكذا؟ يكون ذلك أشد عليه من الموت كذا وكذا مرةً لهيبة قوله : لم فعلت كذا؟ ولو أنه بدأ للنبي ﷺ بقوله : لم أذنت، لكان يخاف على النبي ﷺ أن ينشق قلبه من هيبة هذا الكلام.
إلا أن الله تعالى برحمته أخبره بالعفو، حتى سكن قلبه، ثم قال ﴿ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ ﴾ بالقعود عن الجهاد.
﴿ حتى يَتَبَيَّنَ لَكَ الذين صَدَقُواْ ﴾، يعني : معرفة الذين صدقوا بعذرهم وإيمانهم.
﴿ وَتَعْلَمَ الكاذبين ﴾ في عذرهم وإيمانهم ويقال : معناه حتى يتبين لك المؤمن المخلص من المنافق. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ٢ صـ ﴾