وأخرج ابن إسحاق وابن المنذر والبيهقي في الدلائل من طريقه عن عاصم بن عمر بن قتادة وعبدالله بن أبي بكر بن حزم " أن رسول الله ﷺ قلما كان يخرج في وجه من مغازيه إلا أظهر أنه يريد غيره، غير أنه في غزوة تبوك قال :" أيها الناس إني أريد الروم فاعلمهم، وذلك في زمان البأس وشدة من الحر وجدب البلاد، وحين طابت الثمار والناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم ويكرهون الشخوص عنها، فبينما رسول الله ﷺ ذات يوم في جهازه إذ قال للجد بن قيس : يا جد هل لك في بنات بني الأصفر؟ قال : يا رسول الله لقد علم قومي أنه ليس أحد أشد عجباً بالنساء مني، وإني أخاف إن رأيت نساء بني الأصفر أن يفتنني فَأْذن لي يا رسول الله. فأعرض عنه رسول الله ﷺ وقال : قد أذنت. فأنزل الله ﴿ ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا ﴾ يقول : ما وقع فيه من الفتنة بتخلفه عن رسول الله ﷺ ورغبته بنفسه عن نفسه أعظم مما يخاف من فتنة نساء بني الأصفر ﴿ وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ﴾ يقول : من ورائه. وقال رجل من المنافقين ﴿ لا تنفروا في الحر ﴾ فأنزل الله ﴿ قل نار جهنم أشد حراً لو كانوا يفقهون ﴾ [ التوبة : ٨١ ] قال : ثم إن رسول الله جدَّ في سفره وأمر الناس بالجهاز، وحض أهل الغنى على النفقة والحملان في سبيل الله، فحمل رجال من أهل الغنى واحتسبوا، وأنفق عثمان رضي عنه في ذلك نفقة عظيمة لم ينفق أحد أعظم منها وحمل على مائتي بعير ".


الصفحة التالية
Icon