﴿ ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ﴾ [ المجادلة : ٧ ] وهذا عام في حق كل كافر ومؤمن. وكون المصاحبة موجبة للتشريف معارض بقوله تعالى للكافر ﴿ قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك ﴾ [ الكهف : ٣٧ ] وكما احتمل أن يقال إنه عليه السلام استخلصه لنفسه في هذا السفر لأجل الثقة، احتمل أن يكون ذلك لأجل إنه خاف أن يدل الكفار عليه أو يوقفهم على أسراره لو تركه. ثم إن حزنه لو كان حقاً لم ينه عنه فهو ذنب وخطأ. سلمنا دلالة الآية على فضل أبي بكر إلا أن اضطجاع علي رضي الله عنه على فراشه أعظم من ذلك فيه من خطر النفس. أجاب أهل السنة بأن كون الله رابعاً لكل ثلاثة أمر مشترك، وكونه ثاني اثنين تشريف زائد اختص الله أبا بكر به على أن المعية هنالك بالعمل والتدبير وههنا بالصحبة والمرافقة، فأين إحداهما من الأخرى؟! والصحبة في قوله ﴿ قال له صاحبه ﴾ مقرونة بما تقتضي الإهانة والإذلال وهو قوله ﴿ أكفرت ﴾ وفي الآية مقرونة بما يوجب التعظيم والإجلال وهو قوله ﴿ ولا تحزن إن الله معنا ﴾ قالوا : والعجب أن الشيعة إذا حلفوا قالوا : وحق خمسة سادسهم جبريل. واستنكروا أن يقال : وحق اثنين الله ثالثهما. والاحتمال الذي ذكروه مدفوع بما روي أن أبا بكر هو الذي اشترى الراحلة للرسول وأن عبد الرحمن بن أبي بكر وأسماء بنت أبي بكر هما اللذان كانا يأتيانهما بالطعام مدة مكثهما في الغار وذلك ثلاثة أيام وقيل بضعة عشر يوماً. وروي أن جبريل عليه السلام أتاه وهو جائع فقال ؛ هذه أسماء قد أتتك بحيسة ففرح بذلك رسول الله ﷺ وأخبر به أبا بكر، ولو كان أبو بكر قاصداً له لصاح بالكفار عند وصولهم إلى باب الغار، ولقال ابنه وابنته نحن نعرف مكان محمد. وكون حزنه معصية معارض بقوله تعالى لموسى ﴿ لا تخف إنك أنت الأعلى ﴾ [ طه : ٦٨ ] وقول الملائكة لإبراهيم ﴿ لا تخف وبشروه ﴾ [ الذاريات : ٢٨ ] ثم إنا لا ننكر أن اضطجاع علي رضي الله عنه