﴿ ليس على الأعمى حرج ﴾ [ النور : ٦١ ] وقال مجاهد : إن إبا أيوب شهد بدراً مع الرسول الله ولم يتخلف عن غزوات المسلمين ويقول : قال الله ﴿ انفروا خفافاً وثقالاً ﴾ فلا أجدني إلا خفيفاً أو ثقيلاً. وعن صفوان بن عمرو قال : كنت والياً على حمص فلقيت شيخاً كبيراً قد سقط حاجباه من أهل دمشق على راحلته يريد الغزو فقلت : يا عم لقد أعذر الله إليك. فرفع حاجبيه وقال : يا ابن أخي استنفرنا الله خفافاً وثقالاً إلا أنه من يحبه الله يبتليه. وعن الزهري : خرج سعيد بن المسيب إلى الغزو وقد ذهبت إحدى عينيه فقيل : إنك عليل صاحب ضرر. فقال : استنفر الله الخفيف والثقيل فإن لم تمكني الحرب كثرت السواد وحفظت المتاع. وعن أنس قال : قرأ أبو طلحة هذه الآية فقال : ما أسمع الله عذر أحداً فخرج مجاهداً إلى الشأم حتى مات. وقال السدي : جاء المقداد بن الأسود إلى رسول الله ﷺ وكان عظيماً سميناً وشكا إليه وسأله أن يأذن له فنزل فيه ﴿ انفروا خفافاً وثقالاً ﴾ فاشتد شأنها على الناس فنسخها الله بقوله ﴿ ليس على الضعفاء ولا على المرضى ﴾ [ التوبة : ٩١ ] الآية؟ وقيل : لا حاجة إلى التزام النسخ لأن هذه الآيات نزلت في غزوة تبوك بالاتفاق، ولا شك أنه ﷺ خلف من النساء والرجال أقواماً فذلك يدل على أن هذا الوجوب ليس على الأعيان ولكنه من فروض الكفايات. فمن أمره الرسول ﷺ بأن يخرج لزمه ذلك ومن أمره أن يبقى لزمه أن يبقى. ولقائل أن يقول : لا نزاع في هذا إنما النزاع في الضعفاء والمرضى. ثم قال ﴿ وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم ﴾ وفي إيجاب للجهاد بهما إن أمكن، أو بالنفس إن لم يكن مال زائد على أسباب الجهاد، أو بالمال بأن يستنيب من يغزو وعنه إن لم تكن له نفس سليمة صالحة للجهاد وهذا قول كثير من العلماء. ﴿ ذلكم خير لكم ﴾ يعني أنه خير في نفسه أو أنه خير من القعود لما فيه من الراحة والدعة والنعيم العاجل.


الصفحة التالية
Icon