وقال أبو السعود :
﴿ إِن تُصِبْكَ ﴾
في بعض مغازيك ﴿ حَسَنَةٌ ﴾ من الظَفَر والغنيمة ﴿ تَسُؤْهُمْ ﴾ تلك الحسنةُ أي الحسنةُ أي تورِثُهم مساءةً لفرط حسَدِهم وعداوتهم لك ﴿ وَإِن تُصِبْكَ ﴾ في بعضها ﴿ مُّصِيبَةٌ ﴾ من نوع شدة ﴿ يَقُولُواْ ﴾ متبجّحين بما صنعوا حامدين لآرائهم ﴿ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا ﴾ أي تلافَيْنا ما يُهمّنا من الأمر، يعنون به الاعتزالَ عن المسلمين والقعودَ عن الحرب والمداراةَ مع الكفرة وغيرَ ذلك من أمور الكفر والنفاقِ قولاً وفعلاً ﴿ مِن قَبْلُ ﴾ أي من قبلِ إصابةِ المصيبة في وقت تدارُكِه، يشيرون بذلك إلى أن المعاملةَ المذكورةَ إنما تروّج عند الكفرةِ بوقوعها حالَ قوةِ الإسلامِ لا بعد إصابةِ المصيبة ﴿ وَيَتَوَلَّواْ ﴾ عن مجلس الاجتماعِ والتحدثِ إلى أهاليهم أو يُعرِضوا عن النبي ﷺ ﴿ وَّهُمْ فَرِحُونَ ﴾ بما صنعوا من أخذ الأمرِ وبما أصابه عليه الصلاة والسلام، والجملة حالٌ من الضمير في ( يقولوا ) و ( يتولوا ) لا في الأخير فقط، لمقارنة الفرَحِ لهما معاً، وإيثارُ الجملةِ الاسمية للدِلالة على دوام السرورِ، وإسنادُ المَساءة إلى الحسنة والمَسرَّة إلى أنفسهم دون المصيبة بأن يقال : وإن تُصِبْك مصيبةٌ تَسْرُرْهم للإيذان باختلاف حاليهم حالتي عروضِ المَساءة والمسرةِ بأنهم في الأولى مضطرون وفي الثانية مختارون. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon