وليست الآية نظير هذا المثال، لأنّ المثال واقع فيه لكن بين ضدين، والآية واقع فيها لكن بين متفقين من جهة المعنى، والانبعاث الانطلاق والنهوض.
قال ابن عباس : فثبطهم كسلهم وفتر نياتهم.
وبنى وقيل للمفعول، فاحتمل أن يكون القول : أذن الرسول لهم في القعود، أو قول بعضهم لبعض إما لفظاً وإما معنى، أو حكاية عن قول الله في سابق قضائه.
وقال الزمخشري : جعل القاء الله تعالى في قلوبهم كراهة الخروج أمراً بالقعود.
وقيل : هو من قول الشيطان بالوسوسة.
قال :( فإن قلت ) : كيف جاز أن يوقع الله تعالى في نفوسهم كراهة الخروج إلى الغزو وهي قبيحة، وتعالى الله عن إلهام القبيح.
( قلت ) : خروجهم كان مفسدة لقوله تعالى :﴿ لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً ﴾ فكان إيقاع كراهة ذلك الخروج في نفوسهم حسناً ومصلحة انتهى.
وهذا السؤال والجواب على طريقة الاعتزال في المفسدة والمصلحة، وهذا القول هو ذمٌّ لهم وتعجيز، وإلحاق بالنساء والصبيان والزني الذين شأنهم القعود والجثوم في البيوت، وهم القاعدون والخلفون والخوالف، ويبينه قوله تعالى :
﴿ رضوا بأن يكونوا مع الخوالف ﴾ والقعود هنا عبارة عن التخلف والتراخي كما قال :
دع المكارم لا ترحل لبغيتها...
واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٥ صـ ﴾