خلقه إليه وأكرمهم عليه ولم يعرف قدر هذه النعمة ولا شكرها بل بدلها كفرا فإن طاعة هذا وخروجه مع رسوله يكرهه الله سبحانه فثبطه لئلا يقع ما يكره من خروجه وأوحى إلى قلبه قدرا وكونا أن يقعد مع القاعدين ثم أخبر سبحانه عن الحكمة التي تتعلق بالمؤمنين في تثبيط هؤلاء عنهم فقال: ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا﴾ و الخبال الفساد و الاضطراب فلو خرجوا مع المؤمنين لأفسدوا عليهم أمرهم فأوقعوا بينهم الاضطراب والاختلاف قال ابن عباس: "ما زادوكم إلا خبالا عجزا و جبنا" يعني يجبنوهم عن لقاء العدو بتهويل أمرهم و تعظيمهم في صدورهم ثم قال: ﴿وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُم﴾ أي أسرعوا في الدخول بينكم للتفريق والإفساد قال ابن عباس: "يريد ضعفوا شجاعتكم يعني بالتفريق بينهم لتفريق الكلمة فيجبنوا عن العدو" وقال الحسن: "لا أوضعوا خلالكم بالنميمة لإفساد ذات البين" وقال الكلبي: "ساروا بينكم يبغونكم العيب" قال لبيد:
أرانا موضعين لختم عيب وسحر بالطعام وبالشراب
أي مسرعين ومنه قول عمر بن أبي ربيعة:
تبا لهن بالعرفان لما عرفنني وقلن أمرؤ باغ أكل وأوضعا