وقال الثعلبى :
﴿ لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم ﴾ الآية،
وذلك أن رسول الله ﷺ أمر الناس بالجهاد لغزوة تبوك، فلمّا خرج رسول الله ﷺ هو وعسكره على ثنيّة الوداع، ولم يكن بأقلّ العسكرين، فلمّا سار رسول الله ﷺ تخلف عنه عبد الله بن أُبيّ فيمن تخلف من المنافقين وأهل الريب، فأنزل الله تعالى [ يعزي ] نبيه ﷺ ﴿ لو خرجوا فيكم ﴾ يعني المنافقين ﴿ مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ﴾ فساداً، وقال الكلبي : شرّاً وقيل : غدراً ومكرا ﴿ ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ ﴾ يعني ولأوضعوا ركابهم بينكم، يقال : وضعت الناقة تضع وضعاً ووضوعاً إذا أسرعت السير، وأوضعها أيضاعاً أي جدّ بها فأسرع، قال الراجز :
يا ليتني فيها جذع... أخبّ فيها وأضعْ
وقال : أقصرْ فإنك طالما... أوضعت في إعجالها
قال محمد بن إسحاق يعني : أسرع الفرار في أوساطكم وأصل الخلال من الخلل وهو الفرجة بين الشيئين وبين القوم في الصفوف وغيرها، ومنه قول النبي ﷺ :" تراصّوا في الصفوف لايخللكم الشيطان كأولاد الحذف ".
﴿ يَبْغُونَكُمُ الفتنة ﴾ أي يبغون لكم، يقول : يطلبون لكم ماتفتنون به، يقولون : لقد جمع [ العدو ] لكم فعل وفعل، يخبلونكم.
وقال الكلبي : يبغونكم الفتنة يعني الغيب والسر، وقال الضحاك : يعني الكفر، يقال فيه : بغيته أبغيه بغاء إذا التمسته بمعنى بغيت له، ومثله عكمتك إن عكمت لك فيها، وإذا أرادوا أعنتك عليه قالوا : أبغيتك وأحلبتك وأعمكمتك.
﴿ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ﴾ قال مجاهد وابن زيد بينكم عيون لهم عليكم [ يوصلون ] مايسمعون منكم، وقال قتادة وابن يسار : وفيكم من يسمع كلامهم ويطبعهم ﴿ والله عَلِيمٌ بالظالمين ﴾. أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon