وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ﴾
هو تسلية للمؤمنين في تخلف المنافقين عنهم.
والخبال : الفساد والنميمة وإيقاع الاختلاف والأراجيف.
وهذا استثناء منقطع ؛ أي ما زادوكم قوة ولكن طلبوا الخبال، وقيل : المعنى لا يزيدونكم فيما يترددون فيه من الرأي إلا خبالاً ؛ فلا يكون الاستثناء منقطعاً.
قوله تعالى :﴿ ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ ﴾ المعنى لأسرعوا فيما بينكم بالإفساد.
والإيضاع، سرعة السير.
وقال الراجز :
يا ليتني فيها جَذَعْ...
أَخُبُّ فيها وَأَضَعْ
يقال : وَضع البعيرُ إذا عدا، يضع وضعاً ووضوعاً إذا أسرع السير.
وأوضعته حملته على العَدْوِ.
وقيل : الإيضاع سير مثلُ الخَبَب.
والخلل الفرجة بين الشيئين ؛ والجمع الخلال، أي الفُرَج التي تكون بين الصفوف.
أي لأوضعوا خلالكم بالنميمة وإفساد ذات البين.
﴿ يَبْغُونَكُمُ الفتنة ﴾ مفعول ثانٍ.
والمعنى يطلبون لكم الفتنة ؛ أي الإفساد والتحريض.
ويقال : أبغيته كذا أعنته على طلبه.
وبَغَيته كذا طلبته له.
وقيل : الفتنة هنا الشرك.
﴿ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ﴾ أي عيون لهم ينقلون إليهم الأخبار منكم.
قتادة : وفيكم من يقبل منهم قولهم ويطيعهم.
النحاس : القول الأوّل أولى ؛ لأنه الأغلب من معنييه أن معنى سَمّاع يسمع الكلام : ومثله :﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ ﴾ [ المائدة : ٤٢ ].
والقول الثاني لا يكاد يقال فيه إلا سامع ؛ مثل قائل. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٨ صـ ﴾