وقال الآلوسى :
﴿ لَقَد ابْتَغُوُا الْفتْنَةَ ﴾
تشتيت شملك وتفرق أصحابك ﴿ من قبل ﴾ تشتيت شملك وتفرق أصحابك ﴿ مِن قَبْلُ ﴾ أي من قبل هذه الغزوة، وذلك كما روي عن الحسن يوم أحد حين انصرف عبد الله بن أبي بن سلول بأصحابه المنافقين، وقد تخلف بهم عن هذه الغزوة أياً بعد أن خرج مع النبي ﷺ إلى قريب من ثنية الوداع، وروي عن سعيد بن جبير، وابن جريج.
أن المراد بالفتنة الفتك برسول الله ﷺ ليلة العقبة، وذلك أنه اجتمع اثنا عشر رجلاً من المنافقين ووقفوا على الثنية ليفتكوا به عليه الصلاة والسلام فردهم الله تعالى خاسئين ﴿ وَقَلَّبُواْ لَكَ الامور ﴾ أي المكايد تقليبها مجاز عن تدبيرها أو الآراء وهو مجاز عن تفتيشها، أي دبروا لك المكايد والحيل أو دوروا الآراء في إبطال أمرك.
وقرىء ﴿ وَقَلَّبُواْ ﴾ بالتخفيف ﴿ حتى جَاء الحق ﴾ أي النصر والظفر الذي وعده الله تعالى ﴿ وَظَهَرَ أَمْرُ الله ﴾ أي غلب دينه وعلا شرعه سبحانه ﴿ وَهُمْ كارهون ﴾ أي في حال كراهتهم لذلك أي على رغم منهم، والاتيان كما قالوا لتسلية رسول الله ﷺ والمؤمنين عن تخلف المتخلفين وبيان ما ثبطهم الله تعالى لأجله وهتك أستارهم وإزاهة أعذارهن تداركا لما عسى يفوت بالمبادرة إلى الاذن وإيذناً بأن ما فات بها ليس مما لا يمكن تلافيه تهويلاً للخطب. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١٠ صـ ﴾