وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ ومنهم من يلمزك ﴾ الآية
الضمير في قوله ﴿ ومنهم ﴾ عائد على المنافقين، وأسند الطبري إلى أبي سعيد الخدري أنه قال : جاء ابن ذي الخويصرة التميمي رسول الله ﷺ يقسم قسماً فقال : اعدل يا محمد الحديث المشهور بطوله، وفيه قال أبو سعيد : فنزلت في ذلك ﴿ ومنهم من يلمزك في الصدقات ﴾، وروى داود بن أبي عاصم أن النبي ﷺ أتي بصدقة فقسمها ووراءه رجل من الأنصار فقال : ما هذا بالعدل فنزلت الآية.
قال القاضي أبو محمد : وهذه نزعة منافق، وكذلك روي من غير ما طريق أن الآية نزلت بسبب كلام المنافقين إذ لم يعطوا بحسب شطط آمالهم، و﴿ يلمزك ﴾ معناه يعيبك ويأخذ منك في الغيبة ومنه قول الشاعر :[ البسيط ]
إذا لقيتك تبدي لي مكاشرة... وأن أغيب فأنت الهامز اللمزة
ومنه قول رؤبة :[ الرجز ]
في ظل عصري باطلي ولمزي... والهمز أيضاً في نحو ذلك ومنه قوله تعالى ﴿ ويل لكل همزة لمزة ﴾ [ الهمزة : ١ ] وقيل لبعض العرب : أتهمز الفأرة فقال : إنها تهمزها الهرة قال أبو علي : فجعل الأكل همزاً، وهذه استعارة كما استعار حسان بن ثابت الغرث في قوله :[ الطويل ]
وتصبح غرثى من لحوم الغوافل... تركيباً على استعارة الأكل في الغيبة.
قال القاضي أبو محمد : ولم يجعل الأعرابي الهمز الأكل، وإنما أراد ضربها إياها بالناب والظفر، وقرأ جمهور الناس " يلمِزك " بكسر الميم، وقرأ ابن كثير فيما روى عنه حماد بن سلمة " يلمُزك " بضم الميم، وهي قراءة أهل مكة وقراءة الحسن وأبي رجاء وغيرهم، وقرأ الأعمش " يُلمّزك "، وروى أيضاً حماد بن سلمة عن ابن كثير " يلامزك "، وهي مفاعلة من واحد لأنه فعل لم يقع من النبي صلى الله عليه وسلم. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾