وقال ابن عطية :
قوله ﴿ قل أنفقوا طوعاً أو كرهاً ﴾
سببها : أن الجد بن قيس حين قال ﴿ ائذن لي ولا تفتني ﴾ [ التوبة : ٤٩ ] قال إني أعينك بمال فنزلت هذه الآية فيه وهي عامة بعده، والطوع والكره يعمان كل إنفاق، وقرأ ابن وثاب والأعمش " وكُرها " بضم الكاف.
قال القاضي أبو محمد : ويتصل ها هنا ذكر أفال الكافر إذا كانت براً كصلة القرابة وجبر الكسير وإغاثة المظلوم هل ينتفع بها أم لا، فاختصار القول في ذلك أن في صحيح مسلم عن النبي ﷺ أنه قال " إن ثواب الكافر على أفعاله البرة هو في الطعمة يطعمها " ونحو ذلك، فهذا مقنع لا يحتاج معه إلى نظر وأما ينتفع بها في الآخرة فلا، دليل ذلك أن عائشة أم المؤمنين قالت للنبي ﷺ يا رسول الله : أرأيت عبد الله بن جدعان أينفعه ما كان يطعم ويصنع من خير فقال :" لا إنه لم يقل يوماً، رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين " ودليل آخر في قول عمر رضي الله عنه لابنه : ذاك العاصي بن وائل لا جزاه الله خيراً وكان هذا القول بعد موت العاصي، الحديث بطوله، ودليل ثالث في حديث حكيم بن حزام على أحد التأويلين : أعني في قول النبي ﷺ :" أسلمت على ما سلف لك من خير "، ولا حجة في أمر أبي طالب كونه في ضحضاح من نار لأن ذلك إنما هو بشفاعة محمد ﷺ، وبأنه وجده في غمرة النار فأخرجه، ولو فرضنا أن ذلك بأعماله لم يحتج إلى شفاعة، وأما أفعال الكافر القبيحة فإنها تزيد في عذابه وبذلك هو تفاضلهم في عذاب جهنم، وقوله :﴿ أنفقوا ﴾ أمر في ضمنه جزاء وهذا مستمر في كل أمر معه جواب فالتقدير : إن لم تنفقوا لم يتقبل منكم، وأما إذا عري الأمر من جواب فليس يصحبه تضمن الشرط. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾