وأجاب الإمام بأنه إنما يتوجه على المعتزلة القائلين بأن الكفر لكونه كفراً يؤثر في هذا الحكم وأما على أهل السنة فلا لأنهم يقولون : هذه الأسباب معرفات غير موجبة للثواب ولا للعقاب واجتماع المعرفات الكثيرة على الشيء الواحد جائز، والقول بأنه إنما جيء بهما لمجرد الذم وليستا داخلتين في حيز التعليل وإن كان يندفع به الاشكال على رأي المعتزلة خلاف الظاهر كما لا يخفى.
﴿ فَانٍ قِيلَ ﴾ الكراهية خلاف الطواعية وقد جعل هؤلاء المنافقون فيما تقدم طائعين ووصفوا ههنا بأنهم لا ينفقون إلا وهم كارهون وظاهر ذلك المنافاة.
أجيب بأن المراد بطوعهم أنهم يبذلون من غير الزام من رسول الله ﷺ لا أنهم يبذلون رغبة فلا منافاة.
وقال بعض المحققين في ذلك : إن قوله سبحانه :﴿ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً ﴾ [ التوبة : ٥٣ ] لا يدل على أنهم ينفقون طائعين بل غايته أنه ردد حالهم بين الأمرين وكون الترديد ينافي القطع محل نظر، كما إذا قلت : إن أحسنت أو أسأت لا أزورك مع أنه لا يحسن قطعاً، ويكون الترديد لتوسع الدائرة وهو متسع الدائرة. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١٠ صـ ﴾