وقال الآلوسى :
﴿ فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ ﴾
أي لا يروقك شيء من ذلك فإنه استدراج لهم ووبال عليهم حسبما ينبىء عنه قوله تعالى :﴿ فَلاَ تُعْجِبْكَ أموالهم وَلاَ أولادهم إِنَّمَا يُرِيدُ الله ﴾ والخطاب يحتمل أن يكون للنبي ﷺ وأن يكون لكل من يصلح له على حد ما قيل في نحو قوله تعالى :﴿ لاَ تُشْرِكْ بالله ﴾ [ لقمان : ١٣ ] ومفعول الإرادة قيل : التعذيب واللام زائدة وقيل : محذوف واللام تعليلية، أي يريد إعطاءهم لتعذيبهم، وتعذيبهم بالأموال والأولاد في الدنيا لما أنهم يكابدون بجمعها وحفظها المتاعب ويقاسون فيها الشدائد والمصائب وليس عندهم من الاعتقاد بثواب الله تعالى ما يهون عليهم ما يجدونه، وقيل : تعذيبهم في الدنيا بالأموال لأخذ الزكاة منهم والنفقة في سبيل الله تعالى مع عدم اعتقادهم الثواب على ذلك، وتعذيبهم فيها بالأولاد أنهم قد يقتلون في الغزو فيجزعون لذلك أشد الجزع حيث لا يعتقدون شهادتهم وأنهم أحياء عند ربهم يرزقون وأن الاجتماع بهم فريب ولا كذلك المؤمنون فيما ذكر، وقيل : تعذيبهم بالأموال بأن تكون غنيمة للمسلمين وبالأولاد بأن يكونوا سبباً لهم إذا أظهروا الكفر وتمكنوا منهم.
وأخرج ابن المنذر.
وابن أبي حاتم.
وأبو الشيخ عن قتادة أن في الآية تقديماً وتأخيراً أي لا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة ﴿ وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ ﴾ أي يموتون وأصل الزهوق الخروج بصعوبة ﴿ وَهُمْ كافرون ﴾ في موضع الحال أي حال كونهم كافرين، والفعل عطف على ما قبله داخل معه في حيز الإرادة.
واستدل بتعليق الموت على الكفر بإرادته تعالى على أن كفر الكافر بإرادته سبحانه وفي ذلك رد على المعتزلة.


الصفحة التالية
Icon