ولكون ذكر الأولاد كالتكملة هنا لزيادة بيان عدم انتفاعهم بكلّ ما هو مظنّة أن ينتفع به الناس، عُطف الأولاد بإعادة حرف النفي بَعْد العاطف، إيماء إلى أنّ ذكرهم كالتكملة والاستطراد.
واللام في ﴿ ليعذّبهم ﴾ للتعليل : تعلّقت بفعل الإرادة للدلالة على أنّ المراد حكمة وعلّة فتغني عن مفعول الإرادة، وأصل فعل الإرادة أن يعدَّى بنفسه كقوله تعالى :﴿ يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ﴾ [ البقرة : ١٨٥ ] ويعدّى غالباً باللام كما في هذه الآية وقوله تعالى :﴿ يريد الله ليبين لكم ﴾ في سورة النساء ( ٢٦ ) وقول كُثيّرِ:
أريدُ لأنْسَى حُبَّها فكأنما...
تَمَثَّلُ لِي ليلَى بكلّ مكان
وربما عَدَّوه باللام وكَي مبالغةً في التعليل كقول قيس بن عُبادة:
أردتُ لكيما يعلمَ الناس أنّها...
سراويلُ قيس والوفُود شهود
وهذه اللام كثير وقوعها بعد مادة الإرادة ومادة الأمر.
وبعضُ القرّاء سمّاها ( لام أنْ ) بفتح الهمزة وتقدم عند قوله تعالى :﴿ يريد الله ليبين لكم ﴾ في سورة النساء ( ٢٦ ).
فقوله : في الحياة الدنيا } متعلّق بـ ﴿ يعذبهم ﴾ ومحاولة التقديم والتأخير تعسّف وعطف ﴿ وتزهق ﴾ على ﴿ ليعذبهم ﴾ باعتبار كونه أراده الله لهم عندما رزقهم الأموال والأولاد فيعلم منه : أنّه أراد موتهم على الكفر، فيستغرق التعذيبُ بأموالهم وأولادهم حياتَهم كلّها، لأنّهم لو آمنوا في جزء من آخر حياتهم لحصل لهم في ذلك الزمن انتفاع ما بأموالهم ولو مع الشحّ.
وجملة :﴿ وهم كافرون ﴾ في موضع الحال من الضمير المضاف إليه لأنّه إذا زهقت النفس في حال الكفر فقد مات كافراً.
والإعجاب استحسان مشوب باستغراب وسرور من المرئي قال تعالى :﴿ ولو أعجبك كثرة الخبيث ﴾ [ المائدة : ١٠٠ ] أي استحسنت مرأى وفرة عدده.
و( الزهوق ) الخروج بشدّة وضيق، وقد شاع ذكره في خروج الروح من الجسد، وسيأتي مثل هذه الآية في هذه السورة. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ١٠ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon