أجابوا بعدم الامثتال مع ذكر الموجب لذلك، فأما أن يريدوا بالسفهاء المؤمنين فيكون ( جرأة ) منهم ومباهتة : أي أنتم سفهاء ضعفاء فلا نتبعكم، أو لم يقصدوا أعيان المؤمنين بل قالوا هذا على سبيل المبالغة والجدل فيقول لهم المؤمنون على : هذا نعم، نقول بموجبه :( ونحن ) لم نأمركم بإيمان السّفهاء فلسنا بسفهاء، وعلى الأول ( لا ) يحسن أن يقول لهم ذلك المؤمنون لأنهم ( مباهتون ) ويقولون : أنتم هم السفهاء.
قال الزمخشري : وإنما أطلقوا عليهم ذلك باعتبار الغالب لأن أتباع النبي صلّى الله عليه وسلم في أول الإسلام كان أكثرهم فقراء.
قيل لابن عرفة : إنما كان هذا في المدينة.
( قال ) : كان أكثر المهاجرين معه فقراء.
قال الزمخشري : وختمت الآية بقوله :﴿ولكن لاَّ يَعْلَمُونَ﴾، وتلك ﴿لاَّ يَشْعُرُونَ﴾ إما لأن الفساد في الأرض ( أمر ) محسوس فناسب الشعور الذي هو ( أوائل ) الإدراك والإيمان معنوي يناسب العلم، ( وإما لتقدم السفه وهو جهل، فناسب ذكر العلم طباقا ).
قال ابن عرفة وانظر هل فيها دليل على أن التقليد كاف لقوله :﴿آمِنُواْ كَمَآ ءَامَنَ الناس﴾.
( الظاهر أنه ليس فيها دليل لأن المراد : انظروا لتؤمنوا كما آمن الناس ) لأن الأمر بالإيمان أمر بما هو من لوازمه، ومقدماته، ومفعول " يعلمون " إما عاقبة أمرهم أو المراد لا يعلمون صحة ما أمروا ( به ) أو لا يعلمون علما نافعا، وحذف المفعول ( قصدا ) لهذا العموم.
قال ابن عرفة : وفي هذه آيتان، آية من الله تعالى بعلمه ذلك ( مع أنهم ) أخفوه : وآية أخرى بإعلامه به محمدا صلى الله عليه وسلم. أ هـ ﴿تفسير ابن عرفة حـ ١ صـ ١٤٣ ـ ١٤٧﴾