ومن فوائد صاحب المنار فى الآيات السابقة
قال رحمه الله :
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ)
تَنْطِقُ هَذِهِ الْآيَاتُ بِأَنَّ مَا عَلَيْهِ هَذَا الصِّنْفُ مِنَ الْغُرُورِ بِمَا عِنْدَهُ مِنَ التَّقَالِيدِ قَدْ سُوِّلَ لَهُ الْبَاطِلُ وَزُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا، وَشُوِّهَ فِي نَظَرِهِ كُلُّ حَقٍّ لَمْ يَأْتِهِ عَلَى لِسَانِ رُؤَسَائِهِ وَمُقَلِّدِيهِ بِنَصِّهِ التَّفْصِيلِيِّ فَهُوَ يَرَاهُ قَبِيحًا، وَقَدْ صَوَّرَتِ الْآيَاتُ هَذَا الْغُرُورَ بِمَا حَكَتْهُ عَنْ بَعْضِ أَفْرَادِهِ وَهُوَ :
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) بِمَا تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مِنْ آمَنَ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا، وَتُنَفِّرُونَ النَّاسَ عَنِ اتِّبَاعِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَخْذِ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْإِصْلَاحِ الَّذِي
يَجْتَثُّ أُصُولَ الْفَسَادِ وَيَصْطَلِمُ جَرَاثِيمَ الْإِدَادِ، وَيُحْيِي مَا أَمَاتَتْهُ الْبِدَعُ مِنْ إِرْشَادِ الدِّينِ، وَيُقِيمُ مَا قَوَّضَتْهُ التَّقَالِيدُ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ.