قوله :﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ءامِنُواْ كما آمن الناس﴾ أي إيماناً مقروناً بالإخلاص بعيداً عن النفاق، ولقائل أن يستدل بهذه الآية على أن مجرد الإقرار إيمان، فإنه لو لم يكن إيماناً لما تحقق مسمى الإيمان إلا إذا حصل فيه الإخلاص، فكان قوله :﴿ءامَنُواْ﴾ كافياً في تحصيل المطلوب، وكان ذكر قوله :﴿كَمَا ءامَنَ الناس﴾ لغواً، والجواب : أن الإيمان الحقيقي عند الله هو الذي يقترن به الإخلاص، أما في الظاهر فلا سبيل إليه إلا بإقرار الظاهر فلا جرم افتقر فيه إلى تأكيده بقوله :﴿كَمَا ءامَنَ الناس﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢ صـ ٦١﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ﴾ يعني المنافقين في قول مقاتل وغيره.
﴿آمِنُواْ كَمَآ آمَنَ الناس﴾ أي صدّقوا بمحمد ﷺ وشَرْعه، كما صدّق المهاجرون والمحققون من أهل يَثْرِب.
وألف ( آمنوا ) ألف قطع ؛ لأنك تقول : يؤمن، والكاف في موضع نصب ؛ لأنها نعت لمصدر محذوف، أي إيماناً كإيمان الناس.
قوله تعالى :﴿قالوا أَنُؤْمِنُ كَمَآ آمَنَ السفهآء﴾ يعني أصحاب محمد ﷺ ؛ عن ابن عباس.
وعنه أيضاً : مؤمنو أهل الكتاب.
وهذا القول من المنافقين إنما كانوا يقولونه في خفاء واستهزاء فأطلع الله نبيّه والمؤمنين على ذلك، وقرّر أن السَّفه ورِقّة الحُلُوم وفساد البصائر إنما هي في حيزِّهم وصفة لهم، وأخبر أنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون للرَّينْ الذي على قلوبهم.
وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أنها نزلت في شأن اليهود ؛ أي وإذا قيل لهم يعني اليهود آمنوا كما آمن الناس : عبد اللَّه بن سَلاَم وأصحابُه، قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء! يعني الجهال والخرقاء. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١ صـ ٢٠٥﴾
فائدة
قال الفخر :
اللام في ﴿الناس﴾ فيها وجهان :