وَكَانَ شَيْخُنَا أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ :﴿ الْمِسْكِينُ هُوَ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ، وَالْفَقِيرُ هُوَ الَّذِي لَهُ أَدْنَى بُلْغَةً ﴾ وَيَحْكِي ذَلِكَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ ثَعْلَبٌ، قَالَ : وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ : حُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ : قُلْت لِأَعْرَابِيٍّ : أَفَقِيرٌ أَنْتَ ؟ قَالَ : لَا بَلْ مِسْكِينٌ وَأَنْشَدَ عَنْ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ : أَمَّا الْفَقِيرُ الَّذِي كَانَتْ حَلُوبَتُهُ وَفْقَ الْعِيَالِ فَلَمْ يُتْرَكْ لَهُ سَبَدُ فَسَمَّاهُ فَقِيرًا مَعَ وُجُودِ الْحَلُوبَةِ.
قَالَ : وَحَكَى مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ الْجُمَحِيُّ عَنْ يُونُسَ النَّحْوِيِّ أَنَّهُ قَالَ :﴿ الْفَقِيرُ يَكُونُ لَهُ بَعْضُ مَا يُغْنِيهِ، وَالْمِسْكِينُ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ ﴾.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَوْله تَعَالَى :﴿ يَحْسَبُهُمْ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنْ التَّعَفُّفِ ﴾ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفَقِيرَ قَدْ يَمْلِكُ بَعْضَ مَا يُغْنِيهِ لِأَنَّهُ لَا يَحُسُّهُ الْجَاهِلُ بِحَالِهِ غَنِيًّا إلَّا وَلَهُ ظَاهِرُ جَمِيلٍ، وَبَزَّةٌ حَسَنَةٌ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مِلْكَهُ لِبَعْضِ مَا يُغْنِيهِ لَا يَسْلُبُهُ صِفَةَ الْفَقْرِ.
وَكَانَ أَبُو الْحَسَنِ يَسْتَدِلُّ عَلَى مَا قَالَ فِي صِفَةِ الْمِسْكِينِ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :{ إنَّ


الصفحة التالية
Icon