قِيلَ لَهُ : قَدْ رُوِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا أُجَرَاءَ فِيهَا، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مُلَّاكًا لَهَا، وَإِنَّمَا نَسَبَهَا إلَيْهِمْ بِالتَّصَرُّفِ وَالْكَوْنِ فِيهَا، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ ﴾ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ :﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾ فَأَضَافَ الْبُيُوتَ تَارَةً إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَارَةً إلَى أَزْوَاجِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا لَمْ تَخْلُ مِنْ أَنْ تَكُونَ مِلْكًا لَهُ أَوْ لَهُنَّ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لَهُنَّ، وَلَهُ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ، لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِهَا مِلْكًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى حِدَةٍ فَثَبَتَ أَنَّ الْإِضَافَةَ إنَّمَا صَحَّتْ لِأَجْلِ التَّصَرُّفِ وَالسُّكْنَى، كَمَا يُقَالُ :﴿ هَذَا مَنْزِلُ فُلَانٍ ﴾ وَإِنْ كَانَ سَاكِنًا فِيهِ غَيْرَ مَالِكٍ لَهُ وَ ﴿ هَذَا مَسْجِدُ فُلَانٍ ﴾، وَلَا يُرَادُ بِهِ الْمِلْكُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :﴿ أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ ﴾ هُوَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَيُقَالُ إنَّ الْفَقِيرَ إنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ ذَوِي الْحَاجَةِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَدْ كُسِرَتْ فَقَارُهُ، يُقَالُ مِنْهُ فَقَرَ
الرَّجُلُ فَقْرًا، وَأَفْقَرَهُ اللَّهُ إفْقَارًا، وَتَفَاقَرَ تَفَاقُرًا، وَالْمِسْكِينُ الَّذِي قَدْ أَسْكَنَتْهُ الْحَاجَةُ، وَرُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالضَّحَّاكِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ.