وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا :﴿ إنَّمَا كَانُوا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ فِي حَالِ قِلَّةِ عَدَدِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَثْرَةِ عَدُوِّهِمْ، وَقَدْ أَعَزَّ اللَّهُ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ، وَاسْتَغْنَى بِهِمْ عَنْ تَأَلُّفِ الْكُفَّارِ، فَإِنْ احْتَاجُوا إلَى ذَلِكَ فَإِنَّمَا ذَلِكَ لِتَرْكِهِمْ الْجِهَادَ، وَمَتَى اجْتَمَعُوا وَتَعَاضَدُوا لَمْ يَحْتَاجُوا إلَى تَأَلُّفِ غَيْرِهِمْ بِمَالٍ يُعْطَوْنَهُ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ ﴾.
وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ ؛ رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ قَالَ : جَاءَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ، وَالْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ إلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَا : يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ إنَّ عِنْدَنَا أَرْضًا سَبِخَةً لَيْسَ فِيهَا كَلَأٌ وَلَا مَنْفَعَةٌ فَإِنْ رَأَيْت أَنْ تُعْطِينَاهَا فَأَقْطَعَهَا إيَّاهُمَا، وَكَتَبَ لَهُمَا عَلَيْهَا كِتَابًا وَأَشْهَدَ، وَلَيْسَ فِي الْقَوْمِ عُمَرُ، فَانْطَلَقَا إلَى عُمَرَ لِيَشْهَدَ لَهُمَا، فَلَمَّا سَمِعَ عُمَرُ مَا فِي الْكِتَابِ تَنَاوَلَهُ مِنْ أَيْدِيهِمَا ثُمَّ تَفَلَ فِيهِ فَمَحَاهُ فَتَذَمَّرَا، وَقَالَا مَقَالَةً سَيِّئَةً، فَقَالَ : إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَأَلَّفُكُمَا وَالْإِسْلَامُ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَغْنَى الْإِسْلَامَ، اذْهَبَا فَاجْهَدَا جَهْدَكُمَا لَا يَرْعَى اللَّهُ عَلَيْكُمَا إنْ رَعَيْتُمَا.


الصفحة التالية
Icon