تَحِلُّ إلَّا لِثَلَاثَةٍ رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَيَسْأَلُ فِيهَا حَتَّى يُؤَدِّيَهَا، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَاجْتَاحَتْ مَالَهُ فَيَسْأَلُ حَتَّى يُصِيبَ قَوَامًا مِنْ عَيْشٍ، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ وَحَاجَةٌ حَتَّى يَشْهَدَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ أَنَّ فُلَانًا أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ سَدَادًا مِنْ عَيْشٍ ثُمَّ يُمْسِكُ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ سُحْتٌ.
} وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَمَالَةَ وَسَائِرَ الدُّيُونِ سَوَاءٌ ؛ لِأَنَّ الْحَمَالَةَ هِيَ الْكَفَالَةُ وَالْحَمِيلُ هُوَ الْكَفِيلُ، فَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَازَ لَهُ الْمَسْأَلَةَ لِأَجْلِ مَا عَلَيْهِ مِنْ دَيْنِ الْكَفَالَةِ، وَقَدْ عَلِمَ مُسَاوَاةَ دَيْنِ الْكَفَالَةِ لِسَائِرِ الدُّيُونِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْهَا، فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ إبَاحَةُ الْمَسْأَلَةِ لِأَجْلِ الْحَمَالَةِ مَحْمُولَةً عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَدَائِهَا، وَكَانَ الْغُرْمُ الَّذِي لَزِمَهُ بِإِزَاءِ مَا فِي يَدِهِ مِنْ مَالِهِ كَمَا نَقُولُ فِي سَائِرِ الدُّيُونِ.
وَرَوَى إسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ فِي قَوْله تَعَالَى :﴿ وَالْغَارِمِينَ ﴾ قَالَ :﴿ الْمُسْتَدِينُ فِي غَيْرِ سَرَفٍ حَقٌّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَقْضِيَ عَنْهُ ﴾.
وَقَالَ سَعِيدٌ فِي قَوْلِهِ :﴿ وَالْغَارِمِينَ ﴾ قَالَ :﴿ نَاسٌ عَلَيْهِمْ دَيْنٌ مِنْ غَيْرِ فَسَادٍ وَلَا إتْلَافٍ وَلَا تَبْذِيرٍ فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ فِيهَا سَهْمًا ﴾.


الصفحة التالية
Icon