رَوَى ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إلَّا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ ابْنِ السَّبِيلِ أَوْ رَجُلٍ لَهُ جَارٌ مِسْكِينٌ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَأَهْدَى لَهُ ﴾.
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ قَائِلُونَ :﴿ هِيَ لِلْمُجَاهِدِينَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْهُمْ وَالْفُقَرَاءِ ﴾، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ :﴿ لَا يُعْطَى مِنْهَا إلَّا الْفُقَرَاءُ مِنْهُمْ، وَلَا يُعْطَى الْأَغْنِيَاءُ مِنْ الْمُجَاهِدِينَ، فَإِنْ أُعْطُوا مَلَكُوهَا، وَأَجْزَأَ الْمُعْطِي، وَإِنْ لَمْ يَصْرِفْهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؛ لِأَنَّ شَرْطَهَا تَمْلِيكُهُ، وَقَدْ حَصَلَ لِمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ فَأَجْزَأَ ﴾.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ تَصَدَّقَ بِفَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَوَجَدَهُ يُبَاعُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِك ﴾ فَلَمْ يَمْنَعْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَحْمُولَ عَلَى الْفَرَسِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ بَيْعِهَا، وَإِنْ أَعْطَى حَاجًّا مُنْقَطِعًا بِهِ أَجْزَأَ أَيْضًا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى بِمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : إنَّ الْحَجَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاجْعَلْهُ فِيهِ.