وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْفَضْلُ عَمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ دَابَّةً أَوْ سِلَاحًا أَوْ شَيْئًا مِنْ آلَاتِ السَّفَرِ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْمِصْرِ، فَيَمْنَعُ ذَلِكَ جَوَازَ إعْطَائِهِ الصَّدَقَةَ إذَا كَانَ ذَلِكَ يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَإِنْ هُوَ خَرَجَ لِلْغَزْوِ فَاحْتَاجَ إلَى ذَلِكَ جَازَ أَنْ يُعْطَى مِنْ الصَّدَقَةِ، وَهُوَ غَنِيٌّ فِي هَذَا الْوَجْهِ ؛ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الصَّدَقَةُ تَحِلُّ لِلْغَازِي الْغَنِيِّ
قَوْله تَعَالَى :﴿ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾ هُوَ الْمُسَافِرُ الْمُنْقَطِعُ بِهِ، يَأْخُذُ مِنْ الصَّدَقَةِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فِي بَلَدِهِ ؛ وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَأَبِي جَعْفَرٍ.
وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ :﴿ هُوَ مَنْ يَعْزِمُ عَلَى السَّفَرِ، وَلَيْسَ لَهُ مَا يَتَحَمَّلُ بِهِ ﴾ وَهَذَا خَطَأٌ ؛ لِأَنَّ السَّبِيلَ هُوَ الطَّرِيقُ، فَمَنْ لَمْ يَحْصُلْ فِي الطَّرِيقِ لَا يَكُونُ ابْنَ السَّبِيلِ، وَلَا يَصِيرُ كَذَلِكَ بِالْعَزِيمَةِ كَمَا لَا يَكُونُ مُسَافِرًا بِالْعَزِيمَةِ، وَقَالَ تَعَالَى :﴿ وَلَا جُنُبًا إلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : هُوَ الْمُسَافِرُ لَا يَجِدُ الْمَاءَ فَيَتَيَمَّمُ فَكَذَلِكَ ابْنُ السَّبِيلِ هُوَ الْمُسَافِرُ.